للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إلَيْهِ

[فَصْلٌ فِي طَالِب الْعِلْم يتحفظ مِنْ أُمُور]

فَصْلٌ فِي نُبَذٍ بَقِيَتْ لَمْ تُذْكَرْ بَعْدُ فَمِنْهَا أَنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ إذَا كَانَ سَاكِنًا فِي الْمَدْرَسَةِ أَوْ الرِّبَاطِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَفَّظَ مِنْ أُمُورٍ: مِنْهَا أَنْ لَا يَدَعَ الْوُضُوءَ مِنْ مَاءِ الْفَسْقِيَّةِ أَوْ الْبِئْرِ، وَلَا يَتَوَضَّأَ مِنْ مَاءِ الصِّهْرِيجِ أَوْ الزِّيرِ الْمُعَدَّيْنِ لِلشُّرْبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا عُمِلَ لِلشُّرْبِ لَا لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قُدْوَةٌ لِغَيْرِهِ فَقَدْ يُقْتَدَى بِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى فِعْلِ مَا لَا يَجُوزُ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَفْعَلُ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتَوَضَّأَ عَلَى الْبَلَاطِ الَّذِي عَلَى السُّقُوفِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالْبَلَاطِ وَالْخَشَبِ، وَهُمَا وَقْفٌ، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَسْتَجْمِرَ بِالْحِجَارَةِ وَيَدَعَهَا فِي الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّ الْقَيِّمَ إذَا وَجَدَهَا هُنَاكَ رَمَاهَا فِي السَّرَبِ فَيَمْتَلِئُ بِالْحِجَارَةِ، وَذَلِكَ ضَرَرٌ بِالْوَقْفِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَجْمِرَ بِحَائِطِ الْوَقْفِ أَوْ بِأُصْبُعِهِ، وَيَمْسَحَ مَا أَصَابَهُ فِي الْحَائِطِ، وَهَذَا النَّوْعُ قَدْ كَثُرَ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ، وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا لَمْ يَتَوَضَّأْ فِي الْفَسْقِيَّةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وِعَاءٌ يَتَوَضَّأُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ إذَا احْتَاجَ إلَى الْغُسْلِ يَكُونُ لَهُ وِعَاءٌ يَغْتَسِلُ فِيهِ لِئَلَّا يَضُرَّ بِالسَّقْفِ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا صَعِدَ أَوْ نَزَلَ أَنْ يَمْشِيَ بِرِفْقٍ إذْ أَنَّ الْمَشْيَ بِقُوَّةٍ يَضُرُّ بِالْبَلَاطِ وَالسُّقُوفِ، وَهُمَا وَقْفٌ سِيَّمَا إذَا كَانَ بِقَبْقَابٍ فَيَحْذَرُ مِنْ هَذَا جَهْدَهُ، فَهَذَا مُنْتَهَى الْكَلَامِ عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَازِ وَالِاخْتِصَارِ عَلَى آدَابِ الْعَالِمِ، وَالْمُتَعَلِّمِ لِيَتَنَبَّهَ بِمَا ذُكِرَ عَلَى مَا لَمْ يُذْكَرْ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ

[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَآدَابِهِمَا]

، وَالْكَلَامُ عَلَيْهِمَا مُشْتَرَكٌ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ، فَالْإِمَامُ لَهُ آدَابٌ تَخُصُّهُ فَمِنْهَا مَا هُوَ وَاجِبٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَنْدُوبٌ، وَمِثْلُهُ الْمُؤَذِّنُ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْإِمَامِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ: أَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَمَانِيَةُ أَوْصَافٍ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>