للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النِّعَمِ» فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُهُمْ السَّبِيلَ إلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا بَادَرَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ضِدَّهُ تَغَافَلَ وَتَنَاسَى لِأَجْلِ مَا تَقَدَّمَ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ اللَّعِينَ بِمَكِيدَتِهِ وَشَيْطَنَتِهِ يَتْبَعُ السُّنَنَ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُبَدِّلَ مَكَانَ كُلِّ سُنَّةٍ ضِدَّهَا. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا أَنْ وَجَدَ الْمُرِيدَ أَكْثَرَ لِبَاسِهِ عَلَى مَا يَنْبَغِي مِنْ الْقِصَرِ وَغَيْرِهِ أَدْخَلَ عَلَيْهِ دَسِيسَةً قَلَّ مَنْ يَشْعُرُ بِهَا، وَهِيَ وُسْعِ الثَّوْبِ الْخَارِجِ عَنْ الْعَادَةِ وَفِيهِ شَيْئَانِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي وَهُمَا إضَاعَةُ الْمَالِ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَكَفَى بِهِمَا وَقَنَعَ بِذَلِكَ مِنْ بَعْضِهِمْ وَدَسَّ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ وَبَدَّلَ مَا هُوَ أَكْبَرَ مِنْ هَذَا وَأَكْثَرَ لِكَثِيرٍ مِنْ الْعَرَبِ فِي طُولِ ثِيَابِهِمْ حَتَّى صَارَتْ إذَا مَشَوْا تَنْجَرُّ عَلَى الْأَرْضِ وَهَذَا مُحَرَّمٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ مُتَأَكِّدٌ فِعْلُهُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَبَدَّلَ لِلنِّسَاءِ ضِدَّ ذَلِكَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَزَادَ فِي ثِيَابِ بَعْضِ مَنْ نُسِبَ إلَى الْعِلْمِ قَرِيبًا مِمَّا سَبَقَ فِي ثِيَابِ الْعَرَبِ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَرَّمَ كُلَّ طَائِفَةٍ مِنْ الْأَتْبَاعِ وَأَوْقَعَهُمْ فِي ضِدِّهِ وَمَعَ ذَلِكَ قَلَّ مَنْ يَسْتَيْقِظُ لِمَا أَلْقَاهُ إلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الدَّسَائِسِ، بَلْ تَلَقَّوْهَا بِالْإِقْبَالِ عَلَيْهَا لِمَا أَلْقَى إلَيْهِمْ مِنْ التَّعْلِيلِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَتِهِ الذَّمِيمَةِ تَعْلِيلَ مَا يُلْقِيهِ إلَيْهِمْ وَتَحْسِينَهُ لَهُمْ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَدْعَى إلَى الْقَبُولِ مِنْهُ، وَالْحِرْصِ عَلَى فِعْلِهِ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ عَلَى مَا حَصَلَ مِنْ الْغَفَلَاتِ عَمَّنْ لَا يَغْفُلُ عَنَّا وَلَا يَنْسَانَا وَفِي التَّلْوِيحِ مَا يُغْنِي عَنْ التَّصْرِيحِ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.

[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بَعْضِ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالْمَشَايِخِ وَأَهْلِ الْإِرَادَةِ]

ِ وَهَذَا بَابٌ مُتَّسِعٌ مُتَشَعِّبٌ قَلَّ أَنْ تَنْحَصِرَ مَفَاسِدُهُ، أَوْ يَتَعَيَّنَ مَا يَقَعُ مِنْهُ لِكَثْرَتِهِ لَكِنْ نُشِيرُ إلَى شَيْءٍ مِنْهُ لِيُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مَا عَدَاهُ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ يَدَّعِي الدِّينَ وَالصَّلَاحَ، وَأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوُصُولِ وَيَأْتِي بِحِكَايَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>