الْمَسْجِدُ عَنْ تِلْكَ الزَّعَقَاتِ فِيهِ وَلَوْ فُعِلَ ذَلِكَ فِي السُّوقِ أَوْ الطَّرِيقِ لَكَانَ جَائِزًا أَوْ مَنْدُوبًا إلَيْهِ بِحَسَبِ الْحَالِ وَأَمَّا فِي الْمَسْجِدِ فَيُمْنَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْوِيشِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
[النَّهْي عَنْ قص الشعر فِي الْمَسْجِد]
وَيَنْهَى عَمَّا أَحْدَثُوهُ مِنْ إدْخَالِ الْمِرْآةِ فِي الْمَسْجِدِ لِقَصِّ الشَّارِبِ وَنَتْفِ الشَّيْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُشَاهَدٌ مِنْ فِعْلِهِمْ وَهَذَا يُمْنَعُ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَاجْعَلُوا مَطَاهِرَكُمْ عَلَى أَبْوَابِ مَسَاجِدِكُمْ» وَإِذَا كَانَ الطُّهُورُ فِي الْمَسْجِدِ مَمْنُوعًا فَكَيْفَ يُدْخَلُ بِالْفَضَلَاتِ فِي الْمَسْجِدِ وَيُعْمَلُ فِيهِ الصَّنْعَةُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَنْعُ نَسْخِ الْخَتْمَةِ أَوْ الْعِلْمِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّسَبُّبِ فَكَيْفَ بِهَذِهِ الصَّنْعَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَالشَّعْرُ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا فِي نَفْسِهِ فَهُوَ عَفَشٌ يُنَزَّهُ الْمَسْجِدُ عَنْهُ. هَذَا إذَا كَانَ الشَّعْرُ مَقْصُوصًا.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا يَقُصُّ شَارِبَهُ وَإِنْ أَخَذَهُ فِي ثَوْبِهِ وَأَكْرَهُ أَنْ يَتَسَوَّكَ فِي الْمَسْجِدِ لِأَجْلِ أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ السِّوَاكِ يُلْقِيهِ فِي الْمَسْجِدِ.
قَالَ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَتَمَضْمَضَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ وَلْيَخْرُجْ لِفِعْلِ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الطُّرْطُوشِيُّ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الشَّعْرُ بِأَصْلِهِ مِثْلَ نَتْفِ الشَّيْبِ فَإِنَّ الْحَيَاةَ تَحُلُّ أَصْلَهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنْ الشَّعْرَةِ نَجِسًا وَقَلَّ أَنْ يَسْلَمَ مِنْ وُقُوعِ الْقَمْلِ فِي الْمَسْجِدِ إمَّا حَيًّا وَإِمَّا مَيِّتًا وَكِلَاهُمَا يُمْنَعُ فِيهِ وَهَذَا أَمْرٌ قَدْ عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ سِيَّمَا فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي تَرِدُ إلَيْهِ الْخَلْقُ كَثِيرًا.
وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى الْمَشْيَخَةِ وَالنُّسُكِ وَقَدْ سَبَّلَ نَفْسَهُ عَلَى هَذِهِ الْحَسَنَةِ عَلَى زَعْمِهِ فَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى بَابِ الْمِيضَأَةِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَيُّ غَرِيبٍ جَاءَ قَصَّ لَهُ أَظَافِرَهُ أَوْ شَارِبَهُ وَأَزَالَ شَعْرَهُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ وَيُلْقِي كُلَّ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَقَدْ مَنَعَ مَالِكٌ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ يَجْمَعُهُ وَيُخْرِجُهُ مِنْهُ فَكَيْفَ بِإِلْقَائِهِ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ إنَّهُ مَعَ هَذَا الْحَدَثِ زَرَعَ دَالِيَةَ عِنَبٍ فِي الْمَسْجِدِ فَأَطْعَمَتْ وَأَثْمَرَتْ وَبَقِيَ إذَا وَرَدَ أَحَدٌ مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا أَخَذَ مِنْ عِنَبِهَا أَوْ حِصْرِمِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute