للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُحَرَّمِ فِي كَوْنِ الْمَرْأَةِ يُحَفِّفُهَا الْمُزَيِّنُ وَذَلِكَ مَعْصِيَةٌ كُبْرَى مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ فِيهِ خُرُوجًا عَلَى الْمُزَيِّنِ وَاسْتِمْتَاعًا لَهُ بِهَا إذْ إنَّهُ يُبَاشِرُ بِيَدَيْهِ خَدَّيْهَا وَشَفَتَيْهَا وَذَلِكَ حَرَامٌ كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِثْلُ تَفْلِيجِ الْأَسْنَانِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ.

وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا اعْتَادَهُ بَعْضُهُنَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ مِنْ خُرُوجِهِنَّ عَلَيْهِ بِالثَّوْبِ الْقَصِيرِ دُونَ السَّرَاوِيلِ وَذَلِكَ لَا يَحِلُّ وَيَجِبُ تَأْدِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْمُزَيِّنِ قَدْ ارْتَكَبَ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا التَّوْبَةُ وَالْإِقْلَاعُ عَنْ هَذِهِ الرَّذَائِلِ الْمَمْنُوعَةِ شَرْعًا وَيَجِبُ عَلَى غَيْرِهِمَا نَهْيُهُمَا فَإِنْ لَمْ يَرْجِعَا أُدِّبَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ فِي ذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَدَعَ امْرَأَةً تُحَفِّفُهَا، وَلَا تَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ شَعْرِ حَاجِبَيْهَا، وَلَا تَفْعَلَ هِيَ أَيْضًا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِنَفْسِهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَات وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ» قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ يَحْيَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَهُ النَّامِصَةُ فَهِيَ الَّتِي تُزِيلُ الشَّعْرَ مِنْ الْوَجْهِ وَالْمُتَنَمِّصَةُ هِيَ الَّتِي تَطْلُبُ فِعْلَ ذَلِكَ بِهَا وَهَذَا الْفِعْلُ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ: وَالنَّهْيُ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَوَاجِبِ وَمَا فِي أَطْرَافِ الْوَجْهِ.

[فَصْلٌ فِي مُعَالَجَةِ الطَّبِيبِ وَالْكَحَّالِ الْكَافِرَيْنِ]

(فَصْلٌ) وَأَشَدُّ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْقُبْحِ وَأَشْنَعُ مَا ارْتَكَبَهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ مُعَالَجَةِ الطَّبِيبِ وَالْكَحَّالِ الْكَافِرَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا يُرْجَى مِنْهُمَا نُصْحٌ، وَلَا خَيْرٌ بَلْ يُقْطَعُ بِغِشِّهِمَا وَأَذِيَّتِهِمَا لِمَنْ ظَفِرَا بِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سِيَّمَا إنْ كَانَ الْمَرِيضُ كَبِيرًا فِي دِينِهِ أَوْ عِلْمِهِ أَوْ هُمَا مَعًا فَإِنَّ الْقَاعِدَةَ عِنْدَهُمْ فِي دِينِهِمْ أَنَّ مَنْ نَصَحَ مِنْهُمْ مُسْلِمًا فَقَدْ خَرَجَ عَنْ دِينِهِ وَأَنَّ مَنْ اسْتَحَلَّ السَّبْتَ فَهُوَ مُهْدَرُ الدَّمِ عِنْدَهُمْ حَلَالٌ لَهُمْ سَفْكُ دَمِهِ.

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - رَافَقَهُ يَهُودِيٌّ فِي طَرِيقٍ فَلَمَّا أَنْ عَزَمَ عَلَى مُفَارَقَتِهِ قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَنْتُمْ تَقُولُونَ: إنَّكُمْ لَا تُبَاشِرُونَ مُسْلِمًا فِي شَيْءٍ إلَّا غَشَشْتُمُوهُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَقَدْ خَرَجْتُمْ عَنْ دِينِكُمْ وَأَنْتَ قَدْ رَافَقْتنِي فِي هَذَا الطَّرِيقِ فَأَيْنَ غِشُّك؟ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>