وَمَنْ لَا يَقُومُ وَظَلَامُ اللَّيْلِ يَسْتُرُهُمْ فَلَوْ كَانَ مَنْ وَقَفَ عَلَى الْأَئِمَّةِ وَقَفَ عَلَى زَيْتٍ يَعُمُّ الْمَسْجِدَ كُلَّهُ بِضَوْئِهِ وَعَلَى رِجَالٍ يَطُوفُونَ بِالْمَسْجِدِ طُولَ لَيْلِهِمْ فَمَنْ رَأَوْهُ فِيهِ فِي غَيْرِ عِبَادَةٍ أَخْرَجُوهُ لَكَانَ ذَلِكَ حَسَنًا.
وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ هَذَا فَمَفَاسِدُهُ كَثِيرَةٌ وَفِي التَّلْوِيحِ مَا يُغْنِي عَنْ التَّصْرِيحِ أَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ بِمَنِّهِ
[فَصْلٌ فِي الْخُطْبَةِ عَقِبَ الْخَتْمِ]
ِ وَالْخُطَبُ الشَّرْعِيَّةُ مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهَا خُطْبَةٌ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ وَإِذَا لَمْ تُذْكَرْ فَهِيَ بِدْعَةٌ مِمَّنْ فَعَلَهَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْمَوْضِعُ مَعْرُوفًا مَشْهُورًا مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ أَوْ يَكُونَ الْمَسْجِدُ مَنْسُوبًا إلَى عَالِمٍ أَوْ مَعْرُوفٍ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ أَوْ يَكُونَ مَنْسُوبًا إلَى الْمَشْيَخَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَفِعْلُ ذَلِكَ فِيهِ أَشَدُّ كَرَاهَةً لِاقْتِدَاءِ كَثِيرٍ مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَمْنُوعًا فِي حَقِّ الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا لَكِنْ يَتَأَكَّدُ الْمَنْعُ فِي حَقِّ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ.
وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَجَنَّبَ مَا أَحْدَثُوهُ بَعْدَ الْخَتْمِ مِنْ الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الْأَصْوَاتِ وَالزَّعَقَاتِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: ٥٥] وَبَعْضُ هَؤُلَاءِ يُعْرِضُونَ عَنْ التَّضَرُّعِ وَالْخُفْيَةِ بِالْعِيَاطِ وَالزَّعَقَاتِ وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ. وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ السَّلَفِ عَنْ الدُّعَاءِ الَّذِي يَدْعُو بِهِ عِنْدَ خَتْمِ الْقُرْآنِ فَقَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ تِلَاوَتِي إيَّاهُ سَبْعِينَ مَرَّةً. وَسُئِلَ غَيْرُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ لَا يَمْقُتَنِي عَلَى تِلَاوَتِي وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَمْ مِنْ قَارِئٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَالْقُرْآنُ يَلْعَنُهُ يَقُولُ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ وَهُوَ ظَالِمٌ انْتَهَى. وَلَا يَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّ الظُّلْمَ إنَّمَا هُوَ فِي الدِّمَاءِ أَوْ الْأَعْرَاضِ أَوْ الْأَمْوَالِ بَلْ هُوَ عَامٌّ إذْ قَدْ يَكُونُ ظَالِمًا لِنَفْسِهِ فَيَدْخُلُ إذْ ذَاكَ تَحْتَ الْوَعِيدِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ خُشُوعٍ وَتَضَرُّعٍ وَابْتِهَالٍ وَرُجُوعٍ إلَى الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالتَّوْبَةِ مِمَّا قَارَفَهُ مِنْ الذُّنُوبِ وَالسَّهْوِ وَالْغَفَلَاتِ وَتَقْصِيرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute