السُّنَّةَ فِي الْوَصِيَّةِ.
لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يُوصِيَ فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» هَذَا فِي حَقِّ الْحَاضِرِ فَفِي حَقِّ الْمُسَافِرِ مِنْ بَابِ أَوْلَى لِمَا يَتَوَقَّعُهُ فِي سَفَرِهِ وَفِي الْبِلَادِ الَّتِي يَتَّجِرُ فِيهَا.
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَهُوَ مُضْطَرٌّ إلَى تَخْلِيصِ ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ بَلَدِهِ إلَى مَا يُعَانِيه مِنْ الْأَسْفَارِ ثُمَّ يَتُوبُ التَّوْبَةَ بِشُرُوطِهَا.
وَهِيَ النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ وَرَدُّ التَّبَعَاتِ لِمَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ شَرْطٌ رَابِعٌ فَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ مُتَيَسِّرَةٌ عَلَى الْمَرْءِ؛ لِأَنَّهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ.
وَمَا كَانَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ فَالْغَالِبُ الرَّجَاءُ فِي الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنْهُ وَأَمَّا رَدُّ التَّبَعَاتِ فَمُتَعَذِّرٌ فِي الْغَالِبِ وَقَلَّ مَنْ يَتَخَلَّصُ مِنْهَا إلَّا بِتَوْفِيقٍ وَتَأْيِيدٍ مِنْ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَيُبَادِرُ إلَى قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ وَيَرُدُّ الْوَدَائِعَ وَيَتَحَلَّلُ مِنْ كُلِّ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ فِي شَيْءٍ أَوْ مُصَاحَبَةٌ، وَيَكْتُبُ وَصِيَّتَهُ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ بِهَا وَيُوَكِّلُ مَنْ يَقْضِي عَنْهُ مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ قَضَاءِ دُيُونِهِ بِنَفْسِهِ وَيَتْرُكُ لِأَهْلِهِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ نَفَقَتَهُمْ إلَى حِينِ رُجُوعِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَالِدَانِ فَلْيَجْتَهِدْ فِي إرْضَائِهِمَا، وَكَذَلِكَ مَنْ يَتَوَجَّهُ إلَيْهِ بِرُّهُ وَطَاعَتُهُ مِنْ عَالِمٍ وَصَالِحٍ يَرْجِعُ إلَيْهِمَا وَيَسْكُنُ إلَى قَوْلِهِمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ لِزَادِهِ أَطْيَبَ جِهَةٍ تَكُونُ فِي مَالِهِ.
[فَصْلٌ تاجر البز يُوَسِّع عَلَى نَفْسِهِ]
(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ لِيَجِدَ السَّبِيلَ إلَى الِاتِّصَافِ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الْمَأْمُورِ بِالْحَثِّ عَلَيْهَا فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ يَحْضُرُهُ فِي وَقْتِ أَكْلِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَوْ غَيْرُهُمْ فَيُشَارِكُهُمْ فِي غِذَائِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ الْبُخْلِ وَأَخْلَاقِ اللِّئَامِ.
أَلَا تَرَى إلَى مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «شَرُّ النَّاسِ مَنْ أَكَلَ وَحْدَهُ» ثُمَّ إنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَجِدُ السَّبِيلَ إلَى مُوَاسَاةِ الْمَسَاكِينِ وَالْمُضْطَرِّينَ؛ لِأَنَّ مَنْ يَأْكُلُ وَحْدَهُ فِيهِ مِنْ الْكَرَاهَةِ مَا فِيهِ، فَإِذَا كَانَ فِيهِ سَعَةٌ وَبَذْلٌ مِنْهُ خَرَجَ مِنْ هَذَا الْمَكْرُوهِ وَدَخَلَ فِي بَابِ الْمَعْرُوفِ وَحُصُولِ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ.
[تاجر البز لَا يُشَارِكَ غَيْرَهُ فِي الزَّادِ وَالنَّفَقَةِ وَالْمَرْكُوبِ]
(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُشَارِكَ غَيْرَهُ فِي الزَّادِ وَالنَّفَقَةِ وَالْمَرْكُوبِ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute