للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ طَلَبِ الْعِلْمِ فَيَنْبَغِي لِهَذَا أَنْ يَتْرُكَ طَلَبَ الْعِلْمِ فِي تِلْكَ الثَّلَاثَةِ، وَيَصُومَهَا، لِئَلَّا تَفُوتَهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ الْعُظْمَى لِقَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْحَسَنَةُ بِعَشْرٍ» فَيَكُونُ ذَلِكَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ، ثُمَّ كَذَلِكَ يَكُونُ حَالُهُ فِي جَمِيعِ الْأَعْمَالِ لَا يُخَلِّي نَفْسَهُ مِنْ شَيْءٍ مِنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ.

وَيَكُونُ الْغَالِبُ عَلَيْهِ اشْتِغَالَهُ بِالدَّرْسِ، وَالْمُطَالَعَةِ، وَالتَّفَهُّمِ، وَالْبَحْثِ مَعَ الْإِخْوَانِ الَّذِينَ يُرْتَجَى النَّفْعُ بِهِمْ، وَلِقَاءِ مَشَايِخِ الْعِلْمِ الَّذِينَ جَعَلَهُمْ اللَّهُ سَبَبًا لِلْفَتْحِ، وَالْخَيْرِ، وَيُوَاظِبُ عَلَى ذَلِكَ

[فَصْلٌ فِي زِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ]

َ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُخَلِّيَ نَفْسَهُ مِنْ زِيَارَةِ الْأَوْلِيَاءِ، وَالصَّالِحِينَ الَّذِينَ بِرُؤْيَتِهِمْ يُحْيِي اللَّهُ الْقُلُوبَ الْمَيِّتَةَ كَمَا يُحْيِي الْأَرْضَ بِوَابِلِ الْمَطَرِ، فَتَنْشَرِحُ بِهِمْ الصُّدُورُ الصُّلْبَةُ، وَتَهُونُ بِرُؤْيَتِهِمْ الْأُمُورُ الصَّعْبَةُ إذْ هُمْ وُقُوفٌ عَلَى بَابِ الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ فَلَا يُرَدُّ قَاصِدُهُمْ، وَلَا يَخِيبُ مُجَالِسُهُمْ، وَلَا مَعَارِفُهُمْ، وَلَا مُحِبُّهُمْ إذْ هُمْ بَابُ اللَّهِ الْمَفْتُوحُ لِعِبَادِهِ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَتَتَعَيَّنُ الْمُبَادَرَةُ إلَى رُؤْيَتِهِمْ، وَاغْتِنَامِ بَرَكَتِهِمْ؛ وَلِأَنَّهُ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ هَؤُلَاءِ يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْفَهْمِ، وَالْحِفْظِ، وَغَيْرِهِمَا مَا قَدْ يَعْجِزُ الْوَاصِفُ عَنْ وَصْفِهِ، وَلِأَجْلِ هَذَا الْمَعْنَى تَرَى كَثِيرًا مِمَّنْ اتَّصَفَ بِمَا ذُكِرَ لَهُ الْبَرَكَةُ الْعَظِيمَةُ فِي عِلْمِهِ، وَفِي حَالِهِ، فَلَا يُخَلِّي نَفْسَهُ مِنْ هَذَا الْخَيْرِ الْعَظِيمِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُحَافِظًا عَلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ

فَلْيَحْذَرْ أَنْ يَزُورَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَمِمَّنْ لَا خَطَرَ لَهُ فِي الدِّينِ إلَّا بِالتَّمْوِيهِ، وَبَعْضِ الْإِشَارَاتِ، وَالْعِبَارَاتِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ قَلَّ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَنْ يَضْطَرُّ إلَى ذَلِكَ مِنْ الْمُدَّعِينَ بَلْ قَدْ تَجِدُ بَعْضَ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى الْعِلْمِ يَقْعُدُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ مَنْ يَدَّعِي الْفَقْرَ وَالْوِلَايَةَ، وَهُوَ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ، وَقَدْ تَذْهَبُ عَلَيْهِ أَوْقَاتُ الصَّلَاةِ، وَهُوَ لَمْ يُصَلِّ، وَيَعْتَذِرُونَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُحَزِّبُ عَلَى نَفْسِهِ.

وَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ الْفُقَرَاءِ الصُّلَحَاءِ رَحَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>