للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ بِيَدِهِ أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ وَكُلَّمَا أَتَى جَبَلًا مِنْ الْجِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا» . وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا أَنْ دُفِعَ مِنْ عَرَفَةَ قَالَ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الصَّلَاةُ أَمَامَك» وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُمْ لَمَّا أَنْ وَصَلُوا إلَى الْمُزْدَلِفَةِ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَالرِّحَالُ قَائِمَةٌ فَلَمَّا أَنْ فَرَغُوا مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ حَطُّوا الرِّحَالَ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَصَلَّوْا الْعِشَاءَ، وَهَذِهِ سُنَّةٌ قَدْ تُرِكَتْ فِي هَذَا الزَّمَانِ حَتَّى صَارَتْ لَا يَعْرِفُهَا أَحَدٌ فَطُوبَى لِمَنْ أَحْيَاهَا وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَيَظُنُّونَ أَنَّ الْجَمْعَ هُنَاكَ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي عَرَفَةَ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْمَطَرِ فِي الْأَقَالِيمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ السُّنَّةُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ كَمَا وُصِفَ فَتَتَعَيَّنُ الْمُبَادَرَةُ إلَى امْتِثَالِ سُنَّتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى مَا امْتَثَلَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَقِّ نَفْسِهِ الْمُكَرَّمَةِ وَفِي حَقِّ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَقَدْ كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كُلَّمَا فَعَلَ فِعْلًا فِي الْحَجِّ يَقُولُ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَأَكْثَرُ أَفْعَالِ الْحَجِّ إنَّمَا هِيَ عَلَى سَبِيلِ التَّعَبُّدِ، وَهَذَا مِنْهَا.

وَيَنْبَغِي لِلْحَاجِّ أَنْ يَلْتَقِطَ الْحَصَى فِيمَا بَيْنَ عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ فَلَا بَأْسَ. وَلَا يَأْخُذُ حَجَرًا كَبِيرًا فَيَكْسِرُهُ فَإِنْ فَعَلَ جَازَ وَعَدَدُهَا سَبْعُونَ حَصَاةً، وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ

[فَصْلٌ إحْيَاء لَيْلَة الْعِيد لِلْحَاجِّ]

{فَصْلٌ} وَيَنْبَغِي لِلْحَاجِّ أَنْ يُحْيِيَ لَيْلَةَ الْعِيدِ بِالصَّلَاةِ. وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَقُومُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ كُلَّهَا وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ. وَقَدْ اسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَقْطَارِ. لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ أَحْيَا لَيْلَتَيْ الْعِيدِ أَحْيَا اللَّهُ قَلْبَهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ» وَذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَا فِي الْمَوَاضِعِ الْمَشْهُورَةِ كَمَا يَفْعَلُ فِي رَمَضَانَ، بَلْ كُلُّ إنْسَانٍ فِي بَيْتِهِ لِنَفْسِهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ بَعْضُ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ

[فَصْلٌ صَلَاة الصُّبْح بالمزدلفة]

{فَصْلٌ} وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ بِالْمُزْدَلِفَةِ حِينَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>