للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغِشِّ ثُمَّ يُضِيفُونَ إلَى ذَلِكَ الْحَلِفَ بِالْأَيْمَانِ الْكَثِيرَةِ لِيُؤَكِّدُوا بِهَا مَا حَسَّنُوهُ فِي عَيْنِ الْمُشْتَرِي.

وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ السِّلْعَةَ تَكُونُ طَيِّبَةً خَالِصَةً سَالِمَةً مِنْ الدَّنَسِ وَالْغِشِّ فَيُزَيِّنُونَ لِصَاحِبِهَا خَلْطَهَا بِبَعْضِ الرَّدِيءِ مِنْهَا لِيُرَغِّبُوهُ بِذَلِكَ فِي زِيَادَةِ الثَّمَنِ وَذَلِكَ غِشٌّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي لَكَرِهَهُ وَإِنْ قَلَّ وَلَمْ يَأْخُذْ مَا خُلِطَ مَعَهُ إلَّا بِثَمَنِهِ دُونَ ثَمَنِ الطَّيِّبِ.

[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ الْوَرَّاقِ وَكَيْفِيَّتِهَا وَتَحْسِينِهَا]

اعْلَمْ - وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ - أَنَّ هَذَا السَّبَبَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَى الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إذَا حَسُنَتْ النِّيَّةُ فِيهِ إذْ إنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ يُكْتَبُ فِي الْوَرَقِ وَتَفْسِيرَهُ وَالنَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْعُلُومِ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَرْحُهُ وَمَا احْتَوَى عَلَيْهِ مِنْ الْحِكَمِ وَالْمَعَانِي وَالْفَوَائِدِ الْجَمَّةِ الَّتِي لَا يَأْخُذُهَا حَصْرٌ وَكُتُبُ الْفِقْهِ وَبَاقِي الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَمَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الصَّدَقَاتِ وَعُقُودِ الْبِيَاعَاتِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْوَكَالَاتِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ كَثِيرٌ وَهَذِهِ مِنْ الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ فِي الدِّينِ فَإِذَا كَانَ الْمُتَسَبِّبُ فِيهَا يَنْوِي بِذَلِكَ إعَانَةَ إخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى قَضَاءِ مَآرِبِهِمْ فِيمَا يُحَاوِلُونَهُ لَكَانَ شَرِيكًا لَهُمْ فِيمَا يَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ الثَّوَابِ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا فَيَحْصُلَ لَهُ هَذَا الثَّوَابُ الْجَزِيلُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَخَذَ عَنْهُ عِوَضًا فَيَكُونُ بِسَبَبِ نِيَّتِهِ فِي ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الْعِبَادَاتِ وَيُعَوِّلُ فِي رِزْقِهِ عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي قَدَّرَهُ لَهُ وَخَلَقَهُ قَبْلَ خَلْقِ جُثَّتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ هَذَا.

ثُمَّ يُضِيفُ إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ تَحْسِينِ النِّيَّةِ حِينَ خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ النِّيَّاتِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي حَقِّ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ.

ثُمَّ يُضِيفُ إلَى ذَلِكَ نِيَّةَ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ لَكِنْ قَدْ يَعْتَوِرُهُ فِي ذَلِكَ عَكْسُ مَا جَلَسَ إلَيْهِ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ الْوَرَقَ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ أَوْ مَا لَا يَنْبَغِي فَأَمَّا الَّذِي لَا يَجُوزُ فَمِثْلُ الظُّلْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>