خَرَجَ بِحُسْنِ ظَنِّهِ عَنْ الْحَدِّ فَيُعَدُّ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْمَلَائِكَةُ لَا تَأْكُلُ وَلَا تَشْرَبُ فَمَا يَصِلُك مِنْهُ نَفْعٌ أَصْلًا فَإِذَا وَجَدَ الْفَقِيرُ الْقُوتَ فِي زَمَانِ مَنْ هَذَا حَالُهُمْ كَانَ ذَلِكَ كَرَامَةً فِي حَقِّهِ إذْ إنَّ الْكَرَامَةَ إنَّمَا هِيَ خَرْقُ الْعَادَةِ وَمَا جَرَى لِهَذَا فَهُوَ خَرْقُ عَادَةٍ وَالْمُؤَدِّبُ مِثْلُهُ سَوَاءً بِسَوَاءٍ فَإِذَا شَعَرُوا مِنْهُ أَنَّهُ يُعَلِّمُ لِلَّهِ تَعَالَى فَالْغَالِبُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُعْطُونَهُ شَيْئًا لِعَدَمِ مُطَالَبَتِهِ إيَّاهُمْ هَذَا حَالُهُمْ فِي أُمُورِ آخِرَتِهِمْ بِخِلَافِ أَسْبَابِ دُنْيَاهُمْ عَكْسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْوَالِ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. أَلَا تَرَى إلَى مَا حُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَمَّا أَنْ دَخَلَ وَلَدُهُ الْمَكْتَبَ وَقَرَأَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ جَاءَ إلَى وَالِدِهِ بِلَوْحِ الْإِصْرَافَةِ فَأَعْطَاهُ مِائَةَ دِينَارٍ يُعْطِيهَا لِلْفَقِيهِ فَلَمَّا أَنْ حَصَلَتْ عِنْدَ الْفَقِيهِ اجْتَمَعَ بِالشَّيْخِ وَقَالَ لَهُ يَا سَيِّدِي وَأَيُّ شَيْءٍ عَمِلْته حَتَّى تُقَابِلَنِي بِهَذَا الْعَطَاءِ فَقَالَ لَهُ وَاَللَّهِ لَا قَرَأَ عَلَيْك ابْنِي شَيْئًا بَعْدَ الْيَوْمِ فَقَالَ لَهُ وَلِمَ ذَلِكَ فَقَالَ؛ لِأَنَّك اسْتَعْظَمْت مَا حَقَّرَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الدُّنْيَا وَاسْتَصْغَرْت مَا عَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ الْقُرْآنُ وَالْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ الْيَوْمَ هَذَا الْحَالُ وَهُوَ اسْتِعْظَامُ الدُّنْيَا فِي قُلُوبِهِمْ وَاسْتِصْغَارُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَلَا يُظْهِرُ الْمُؤَدِّبُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنَّهُ جَلَسَ يُقْرِئُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَلْ يُظْهِرُ أَنَّهُ جَلَسَ لِلْمَعْلُومِ وَنِيَّتُهُ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا تَقَدَّمَ
[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَسْبَابِ أَوْلِيَاءِ الصِّبْيَانِ]
ِ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ مَنْ يَتَسَبَّبُ بِسَبَبٍ حَرَامٍ عَلَى أَنْوَاعِهِ مِنْ مَكْسٍ أَوْ ظُلْمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلَا يَأْخُذُ مِمَّا أَتَى بِهِ الصَّبِيُّ مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ شَيْئًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَأْتِيه مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْجِهَاتِ الْمُحَذَّرِ مِنْهَا مِنْ جَانِبِ الشَّرْعِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مِثْلُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِشَيْءٍ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ وَجْهٍ مَسْتُورٍ بِالْعِلْمِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي إقْرَائِهِ لِلْوَلَدِ الَّذِي يَكُونُ مُتَّصِفًا وَلِيُّهُ بِمَا ذُكِرَ أَنْ لَا يُوَالِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute