للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُؤَذِّنًا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ شُرُوطُ الْمُؤَذِّنِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إعَادَتِهَا لَكِنْ بَقِيَتْ الْأَوْصَافُ الْمَنْدُوبُ إلَيْهَا فِيهِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ صَيِّتًا حَسَنَ الصَّوْتِ وَيُكْرَهُ لَهُ التَّطْرِيبُ فِي الْأَذَانِ وَكَذَلِكَ التَّحْزِينُ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لَهُ إمَالَةُ حُرُوفِهِ وَإِفْرَاطُ الْمَدِّ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ.

[فَصْلٌ فِي مَوْضِعِ الْأَذَانِ]

ِ وَمِنْ السُّنَّةِ الْمَاضِيَةِ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ عَلَى الْمَنَارِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى بَابِهِ. وَكَانَ الْمَنَارُ عِنْدَ السَّلَفِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - بِنَاءً يَبْنُونَهُ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ كَهَيْئَتِهِ الْيَوْمِ لَكِنَّ هَؤُلَاءِ أَحْدَثُوا فِيهِ أَنَّهُمْ عَمِلُوهُ مُرَبَّعًا عَلَى أَرْكَانٍ أَرْبَعَةٍ وَكَانَ فِي عَهْدِ السَّلَفِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - مُدَوَّرًا وَكَانَ قَرِيبًا مِنْ الْبُيُوتِ خِلَافًا لِمَا أَحْدَثُوهُ الْيَوْمَ مِنْ تَعْلِيَةِ الْمَنَارِ. وَذَلِكَ يُمْنَعُ لِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: مُخَالَفَةُ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

الثَّانِي: أَنَّهُ يَكْشِفُ عَلَى حَرِيمِ الْمُسْلِمِينَ.

الثَّالِثُ: أَنَّ صَوْتَهُ يَبْعُدُ عَنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَنِدَاؤُهُ إنَّمَا هُوَ لَهُمْ وَقَدْ بَنَى بَعْضُ الْمُلُوكِ فِي الْمَغْرِبِ مَنَارًا زَادَ فِي عُلُوِّهِ فَبَقِيَ الْمُؤَذِّنُ إذَا أَذَّنَ لَا يَسْمَعُ أَحَدٌ مِمَّنْ تَحْتَهُ صَوْتَهُ. وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَنَارُ تَقَدَّمَ وُجُودُهُ بِنَاءَ الدَّارِ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الدُّورُ مَبْنِيَّةً ثُمَّ جَاءَ بَعْضُ النَّاسِ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ الْمَنَارَ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَكْشِفُ عَلَيْهِمْ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمَنَارِ وَالدُّورِ سِكَكٌ وَبُعْدٌ بِحَيْثُ إنَّهُ إذَا طَلَعَ الْمُؤَذِّنُ عَلَى الْمَنَارِ وَرَأَى النَّاسَ عَلَى أَسْطِحَةِ بُيُوتِهِمْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْهُمْ فَهَذَا جَائِزٌ عَلَى مَا قَالَهُ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَإِذَا كَانَ الْمَنَارُ أَعْلَى مِنْ الْبُيُوتِ قَلِيلًا أَسْمَعَ النَّاسَ إذْ إنَّهُ يَعُمُّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُرْتَفِعًا كَثِيرًا وَالسُّنَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي الْأَذَانِ أَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُؤَذِّنُونَ جَمَاعَةً فَيُؤَذِّنُونَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فِي الصَّلَوَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>