للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّائِي لَهُ أَقَلُّ إذْ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَعْرِفُ ذُنُوبَهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَلَا يَعْرِفُ ذُنُوبَ غَيْرِهِ، وَلَعَلَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى ذَنْبٍ لِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَهُ بِعَيْنِ التَّعْظِيمِ وَالتَّفْضِيلِ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ الطَّبَقَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَرَى مَنْ هُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ سِنًّا فَيَقُولُ هَذَا أَقَلُّ مِنِّي ذُنُوبًا لِأَنِّي قَدْ سَبَقْته إلَى الدُّنْيَا وَارْتَكَبْت فِيهَا مَا ارْتَكَبْت، وَهُوَ بَعْدُ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا فَلَا ذُنُوبَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَأَى مَنْ هُوَ مُبْتَلًى فِي دِينِهِ وَضَاقَ عَلَيْهِ سُلُوكُ بَابِ التَّأْوِيلِ فِي حَقِّهِ فَلْيَرْجِعْ إذْ ذَاكَ لِنَفْسِهِ وَلْيَنْظُرْ مِنَّةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي الْحَالِ فِي كَوْنِهِ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِمَا تَلَبَّسَ بِهِ مِنْ الطَّاعَاتِ وَكَوْنِهِ سَالِمًا مِمَّا ابْتَلَى بِهِ غَيْرَهُ مِمَّا هُوَ مَحْظُورٌ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ يُذَكِّرُ نَفْسَهُ بِالْخَاتِمَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي بِمَاذَا يُخْتَمُ لَهُ فَإِنَّهُ إنْ عُومِلَ بِالْعَدْلِ فَلَا يُخَلِّصُهُ شَيْءٌ مِمَّا هُوَ فِيهِ مِنْ أَفْعَالِ الْقُرَبِ، وَإِنْ كَثُرَتْ، وَإِنْ عُومِلَ مَنْ رَآهُ بِالْفَضْلِ قُضِيَتْ عَنْهُ التَّبِعَاتُ وَقُبِلَ مِنْهُ الْيَسِيرُ مِنْ الْحَسَنَاتِ فَإِنَّ فَضْلَ اللَّهِ لَا يَنْحَصِرُ فِي جِهَةٍ وَعَدْلَهُ لَا يُؤْمَنُ فِي حَالٍ. فَإِذَا نَظَرَ إلَى النَّاسِ بِحُسْنِ هَذَا النَّظَرِ رَبِحَ وَعَادَتْ عَلَيْهِ بَرَكَةُ تَحْسِينِ ظَنِّهِ بِإِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ حَالًا وَمَآلًا وَكَانَ اجْتِمَاعُهُ بِهِمْ رَحْمَةً فِي حَقِّهِ وَحَقِّهِمْ وَكَذَالِك الْفِرَارُ مِنْهُمْ وَالْهُرُوبُ مِنْ خُلْطَتِهِمْ بِهَذَا النَّظَرِ وَالِاعْتِبَارُ بِهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ سُلُوكٌ إلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا أَنَّ هَذَا النَّوْعَ أَسْلَمُ وَآمَنُ عَاقِبَةً لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ إذَا رَأَى مُبْتَلًى فِي دِينِهِ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ سَطْوَةَ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّأْوِيلِ الْحَسَنِ فِي حَقِّهِ لَهُ فَإِنْ عَجَزَ ذَلِكَ فَأَقَلُّ مَا يُمْكِنُهُ الْهِجْرَانُ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ

[خَاتِمَة أَسْبَابُ تَأْلِيفِ هَذَا الْكِتَابِ]

أَسْبَابُ تَأْلِيفِ هَذَا الْكِتَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّ بَعْضَ الْإِخْوَانِ قَصَدَنِي فِي تَلْخِيصِ شَيْءٍ أَذْكُرُ فِيهِ بِأَيِّ نِيَّةٍ يَخْرُجُ بِهَا الْمَرْءُ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ. وَإِلَى حُضُورِ مَجَالِسِ الْعِلْمِ وَإِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>