بِهَا وَيُعَلِّمَهَا. وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَمِيلَ إلَى الْغُرُورِ وَالْأَمَانِي لِمَا يَرَى مِنْ الْعَوَائِدِ الْمُتْلِفَةِ وَوُقُوعِ الْمَهَالِكِ بَلْ يَغْتَنِمُ مَا سَبَقَ لَهُ مِنْ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ الْعَظِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَكَلَّمَ بِالسُّنَّةِ فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ. إمَّا أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ أَوْ لَا. فَإِنْ قُبِلَ مِنْهُ حَصَلَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ مِنْ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ بِالْمَعِيَّةِ مَعَهُ فِي الْجَنَّةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَنِي قَدْ أُمِيتَتْ فَكَأَنَّمَا أَحْيَانِي وَمَنْ أَحْيَانِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ» وَيَنْبَغِي أَنْ يَرَى الْفَضِيلَةَ لِمَنْ قَبِلَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَعَانَهُ عَلَى إحْيَاءِ السُّنَّةِ وَإِقَامَتِهَا، وَمَنْ أَعَانَ عَلَى الْخَيْرِ كَانَ شَرِيكًا لِعَامِلِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِعَانَةَ حَاصِلَةٌ لِمَنْ قَبِلَ وَامْتَثَلَ مَا أُمِرَ بِهِ أَوْ نُهِيَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ حَصَلَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ مِنْ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ صَلَوَاتُ اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَقْدِرْ هُوَ وَغَيْرُهُ عَلَيْهِ وَلَا يَصِلَا إلَيْهِ. لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْعَمَلُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ مَعِي» كَمَا تَقَدَّمَ. وَالْهِجْرَةُ مَعَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يَفُوقُهَا غَيْرُهَا وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مَعَ هَذَا اسْتِصْغَارُ النَّفْسِ وَحَقَارَتُهَا إذْ أَنَّهُ مَنَّ عَلَيْهِ بِمِنَّةٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِشُكْرِ بَعْضِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، وَهُوَ أَنَّ أَحَدًا يَأْمُرُ بِالسُّنَّةِ وَيَحُضُّ عَلَيْهَا وَلَمْ يَرْجِعْ هُوَ إلَيْهِ وَلَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ لَكَانَ فِي خَطَرٍ عَظِيمٍ وَأَمْرٍ مَهُولٍ فَلِيُكْثِرْ الشُّكْرَ عَلَى مَا أَوْلَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ النِّعْمَةِ امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَيْثُ يَقُولُ «قَيِّدُوا النِّعَمَ بِالشُّكْرِ» نَسْأَلُ اللَّهَ الْكَرِيمَ أَنْ يُوَفِّقَنَا لِذَلِكَ بِمَنِّهِ
[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ]
ِ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا» ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي لِلْمُكَلَّفِ أَنْ لَا يُقْدِمَ عَلَى فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ حَتَّى يُحَاسِبَ نَفْسَهُ عَلَيْهِ وَيَعْلَمَ مِنْ أَيِّ قِسْمٍ هُوَ أَعْنِي مِنْ الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ حَتَّى يَكُونَ عَمَلُهُ كُلُّهُ جَلِيًّا أَمْرُهُ فِي الشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ فَإِنْ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute