للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ» انْتَهَى.

وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ عِنْوَانُ الصِّدْقِ فِيمَنْ ادَّعَى الْوَرَعَ عَنْ الدِّمَاءِ، وَالْأَمْوَالِ اسْتِعْفَافَهُ عَنْ الْأَعْرَاضِ، فَإِنْ اسْتَعَفَّ عَنْهَا كَانَ دَلِيلًا عَلَى صِدْقِهِ فِي تَرْكِ الْفِعْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، وَإِنْ تَعَاطَى الثَّالِثَ، أَوْ بَعْضَهُ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى كَذِبِهِ فِي الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي فَيُخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يُلْحَقَ بِهِمَا أَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ بِمَنِّهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ غِيبَةَ كُلِّ إنْسَانٍ بِحَسْبِ حَالِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - غِيبَةُ الصَّالِحِينَ فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا أَنْ يُذْكَرَ شَخْصٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يَقَعُونَ بِسَبَبِ غَيْرَتِهِمْ فِي الدِّينِ يَقُولُونَ: فُلَانٌ فَعَلَ كَذَا، وَكَذَا عَلَى سَبِيلِ الْغَيْرَةِ مِنْهُمْ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ شَفَقَتُهُمْ، وَرَحْمَتُهُمْ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ فَيَقُولُونَ: مِسْكِينٌ فُلَانٌ، وَاقَعَ كَذَا، وَكَذَا مِمَّا يَكْرَهُ ذِكْرَهُ الْمَقُولُ فِيهِ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا، وَعُلِمَ فَيَحْتَاجُ الْعَالِمُ، وَالْمُتَعَلِّمُ أَنْ يَكُونَا مُتَيَقِّظَيْنِ لِهَذِهِ الْأُمُورِ، وَمَا شَاكَلَهَا، وَيَتَحَفَّظَانِ مِنْهَا إذْ أَنَّ بِتَحَفُّظِهِمَا يَتَحَفَّظُ كُلُّ مَنْ رَآهُمَا أَوْ عَلِمَ حَالَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا قُدْوَةٌ لِلْمُهْتَدِينَ

[فَصْلٌ فِي أَوْرَادِ طَالِبِ الْعِلْمِ]

ِ وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُخَلِّيَ نَفْسَهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ وِرْدٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْهَا إذْ أَنَّهَا سَبَبُ الْإِعَانَةِ عَلَى مَا أَخَذَ بِسَبِيلِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وَاسْتَعِينُوا بِالْغُدْوَةِ، وَالرَّوْحَةِ، وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ» انْتَهَى.

) ، وَمَا يُسْتَعَانُ بِهِ لَا يُتْرَكُ فَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ تَعَالَى، وَإِيَّاكَ لِحِكْمَةِ الشَّرْعِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وَاسْتَعِينُوا بِالْغُدْوَةِ، وَالرَّوْحَةِ، وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ» فَعَمَّ الطَّرَفَيْنِ، وَجَعَلَ مِنْ الثَّالِثِ جُزْءًا، وَالْغُدْوَةُ هُوَ مَا كَانَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ، وَالرَّوْحَةُ مَا كَانَ مِنْ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ، وَالْمُكَلَّفُ لَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَشْتَغِلَ فِي غُدْوَتِهِ، أَوْ فِي رَوْحَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ، أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ أَسْبَابِ الدُّنْيَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ فَهِيَ الِاسْتِعَانَةُ الْحَقِيقِيَّةُ لِقِصَّةِ «مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَمَّا أَنْ بَعَثَهُمَا النَّبِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>