زَمَنِ الْحَرِّ الَّذِي يَكْثُرُ فِيهِ الْخَشَاشُ خِيفَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَسِيَ تَغْطِيَةَ بَعْضِهَا أَوْ غَطَّاهَا بَعْضَ تَغْطِيَةٍ فَانْكَشَفَتْ. فَقَدْ يَدْخُلُ فِيهَا حَيَوَانٌ فَيَمُوتُ فِيهَا أَوْ يَخْرُجُ مِنْهُ فَضْلَةٌ فَيَتَنَجَّسُ أَوْ يَدْخُلُهُ نَمْلٌ وَقَدْ يَكُونُ النَّمْلُ أَكَلَ فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ ثُعْبَانًا أَوْ عَقْرَبًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمَسْمُومَاتِ الَّتِي تَقْتُلُ أَوْ يَحْدُثُ بِسَبَبِهَا أَمْرَاضٌ لِمَنْ يَتَنَاوَلُهَا.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَفَّظَ مِنْ ذَلِكَ التَّحَفُّظَ الْكُلِّيَّ وَمَنْ وَقَعَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ بَيَّنَ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ مَاتُوا بِهَذَا النَّوْعِ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إرَاقَةُ مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ وَغَسْلُ الْإِنَاءِ مِنْهُ غَسْلًا بَلِيغًا وَإِرَاقَتُهُ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ الصَّدَقَةِ بِمِثْلِهِ إذَا كَانَ سَالِمًا؛ لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَنُصْحُ الْمُسْلِمِينَ وَاجِبٌ وَثَوَابُ الْوَاجِبِ أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ الْمَنْدُوبِ
[فَصْلٌ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إذَا قَدُمَ الشَّرَابُ عِنْدَهُ أَنْ لَا يَبِيعَهُ]
(فَصْلٌ) وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إذَا قَدُمَ الشَّرَابُ عِنْدَهُ أَنْ لَا يَبِيعَهُ حَتَّى يُبَيِّنَ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَدِيمٌ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الْفَاكِهَةَ الْجَدِيدَةَ إذَا دَخَلَتْ عَلَى الْأَشْرِبَةِ ذَهَبَتْ فَائِدَةُ مَا عُمِلَ بِالْفَاكِهَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي الْعَقَاقِيرِ وَالْأَدْوِيَةِ: إنَّهَا إذَا كَانَتْ قَدِيمَةً لَا تُفِيدُ مَنْ اسْتَعْمَلَهَا أَوْ تُفِيدُ بَعْضَ فَائِدَةٍ هَذَا هُوَ الْغَالِبُ بِخِلَافِ مَا يَنْدُرُ مِثْلُ خِيَارِ شَنْبَرٍ وَمَا أَشْبَهَهُ فَإِنَّهُ كُلَّمَا قَدُمَ كَانَ أَحْسَنَ مِنْ جَدِيدِهِ
[فَصْلٌ فِي بائع الْأَشْرِبَة]
(فَصْلٌ) وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّبِيبِ إذَا جَاءَ لِلْمَرِيضِ لَا يُحْضِرُ مَعَهُ أَحَدٌ إلَّا مَنْ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَمِثْلُهُ فِي الشَّرَابِيِّ فَلَا يُسَامِحُ أَحَدًا فِي الْجُلُوسِ عِنْدَهُ لِلْمَعَانِي الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا فِي الطَّبِيبِ وَلْيَحْرِصْ عَلَى ذَلِكَ مَهْمَا أَمْكَنَهُ.
وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ كَتُومًا لِلسِّرِّ فِيمَا يُحْكَى لَهُ مِنْ حَالِ الْمَرِيضِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَقّ الطَّبِيبِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ.
وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا وُصِفَ لَهُ مَا بِالْمَرِيضِ أَنْ لَا يُحِيلَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَطِبَّاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَا يُمَكِّنُهُمْ مِنْ الْجُلُوسِ عِنْدَهُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَالِهِمْ السَّيِّئِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الشَّرَابُ يُشْتَرَى لِصَحِيحٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّ الشَّرَابِيِّ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِالطِّبِّ بَلْ لَا يَضُرُّ أَنْ يَكُونَ صَبِيًّا إذَا كَانَ عَارِفًا بِمَا يُطْلَبُ مِنْهُ مِنْ الْأَشْرِبَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute