وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ» وَالْمُتَشَابِهُ مَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ أَكْمَلُ لَكِنْ فِي الْقُوتِ آكَدُ مِنْ غَيْرِهِ لِمَا تَقَدَّمَ
[فَصْلٌ مَا يَتَعَيَّنُ عَلَى بَائِعِ الدَّقِيقِ إذَا اشْتَرَى قَمْحًا قَدِيمًا]
فَصْلٌ وَيَتَعَيَّنُ عَلَى بَائِعِ الدَّقِيقِ إذَا اشْتَرَى قَمْحًا قَدِيمًا أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ لِمُشْتَرِي الدَّقِيقِ مِنْهُ.
وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ إنْ كَانَ بَعْضُهُ قَدِيمًا وَبَعْضُهُ جَدِيدًا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مُخْتَلِطًا بِالشَّعِيرِ أَوْ غَيْرِهِ فَيُبَيِّنُ ذَلِكَ كُلَّهُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَقَعَ فِي الْغِشِّ وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَالِاسْتِحْلَالُ مِمَّنْ بَايَعَهُ أَوْ شَارَاه فَمَنْ لَمْ يَرْضَ مِنْهُمْ إلَّا بِأَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ لَزِمَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ ذَلِكَ
(فَصْلٌ) وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا خَرَجَتْ الدَّوَابُّ لِلرَّبِيعِ زَادُوا سِعْرَ الدَّقِيقِ إذْ ذَاكَ وَقَلَّ أَنْ يُظْهِرُوهُ لِلنَّاسِ لِيَجِدُوا بِذَلِكَ السَّبِيلَ إلَى الزِّيَادَةِ فِي السِّعْرِ وَالْقَمْحُ عَلَى حَالِهِ لَمْ يُعْدَمْ وَلَمْ يَقِلَّ وَأَكْثَرُ التُّجَّارِ يُحِبُّونَ نِفَاقَ سِلَعِهِمْ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ فِي حَقِّ مَنْ يَتَّجِرُ فِي الْأَقْوَاتِ؛ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ غُلُوَّ الْأَشْيَاءِ عَلَى إخْوَانِهِمْ الْمُسْلِمِينَ لَكِنْ فِي حَقِّ بَائِعِ الدَّقِيقِ أَشَدُّ كَرَاهَةٍ، بَلْ يَئُولُ ذَلِكَ إلَى التَّحْرِيمِ، وَكَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّ التَّاجِرِ الَّذِي يَتَّجِرُ فِي الْأَقْوَاتِ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطٌ: مِنْهَا أَنْ لَا يُزَاحِمَ النَّاسَ حِينَ شِرَائِهِ بَلْ يَأْتِي إلَى الشِّرَاءِ فِي آخِرِ النَّهَارِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ اشْتَرَاهُ وَإِلَّا فَلَا وَتَكُونُ نِيَّتُهُ أَنْ يَبِيعَهُ فِي شَهْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ غَلَا السِّعْرُ أَوْ رَخُصَ فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِنِيَّةِ أَنَّهُ يُمْسِكُهُ حَتَّى يَغْلُوَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَعَ تَحْرِيمِهِ تَمْحَقُ الْبَرَكَةُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ فَيَنْبَغِي مِنْ بَابِ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَتَّجِرَ فِي الْقَمْحِ، وَلَا فِي الدَّقِيقِ، وَلَا فِي الْحُبُوبِ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ غَالِبًا تُحِبُّ الزِّيَادَةَ وَطَلَبُ الزِّيَادَةِ هَاهُنَا ضَرَرٌ بِالْمُسْلِمِينَ وَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كَيْفَ بِك إذَا كُنْت بَيْنَ قَوْمٍ يُحَصِّلُونَ قُوتَ سَنَتِهِمْ هَذَا وَهُوَ الْقُوتُ وَحْدَهُ فَمَا بَالُك بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ فِيهِ وَشِرَاءِ الْكَثِيرِ مِنْهُ وَخَزْنِهِ لِيَنْتَظِرَ بِهِ السِّعْرَ، ثُمَّ إنَّ بَعْضَهُمْ إذَا بَقِيَ الْقَمْحُ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute