لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ
[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ الطَّبَّاخِ الَّذِي يَبِيعُ فِي السُّوقِ]
فَيَنْوِيَ بِذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِي حَقِّ الشَّرَائِحِيِّ.
لَكِنْ يَزِيدُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ بِطَبْخِهِ التَّيْسِيرَ عَلَى الْغُرَبَاءِ وَالْفُقَرَاءِ الَّذِينَ يَعْجِزُونَ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ فِي بُيُوتِهِمْ أَوْ يَقْدِرُونَ عَلَى فِعْلِهِ بِمَشَقَّةٍ تَلْحَقُهُمْ فِي مُحَاوَلَتِهِ.
وَيُعْتَبَرُ فِي تَصَرُّفِهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرَائِحِيِّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الشَّرَائِحِيَّ يَنْبَغِي لَهُ أَوْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُغَطِّيَ مَا طَبَخَهُ إذَا أَرْسَلَهُ إلَى صَاحِبِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّشَوُّفِ إلَيْهِ إذَا كَانَ مَكْشُوفًا وَالطَّبَّاخُ إذَا تَرَكَ طَعَامَهُ مَكْشُوفًا تَشَوَّفَتْ إلَيْهِ النُّفُوسُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ هَذَا مُتَعَذِّرٌ فِي حَقِّ الطَّبَّاخِ؛ لِأَنَّهُ إنْ غَطَّى طَعَامَهُ تَعَذَّرَتْ رُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي لَهُ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ فَرَغَ مِنْ بَيْعِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَنْوِي بِطَبْخِهِ التَّيْسِيرَ عَلَى الْغُرَبَاءِ وَالْفُقَرَاءِ فَيَنْبَغِي لَهُ إظْهَارُ طَعَامِهِ لِيَتِمَّ لَهُ قَصْدُهُ وَإِذَا كَشَفَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ خَاطِرُ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَمَنْ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ لَا يَأْكُلُهُ إلَّا وَفِيهِ عُيُونُ أُولَئِكَ فَيَحْتَاجُ مَنْ يَشْتَرِيهِ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ يُبَالِغُ فِي الْإِطْعَامِ مِنْهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ الطَّعَامِ قَلِيلًا فَيُعْطِي مِنْهُ الْوَاحِدَ وَالِاثْنَيْنِ، وَلَوْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ لِمَنْ يَرَى أَنَّ الدَّفْعَ لَهُ أَصْلَحُ مِنْ الْمُضْطَرِّينَ وَالْمُحْتَاجِينَ وَإِذَا حَمَلَهُ إلَى بَيْتِهِ فَتَغْطِيَتُهُ مُتَعَيِّنَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الطَّبَّاخِ أَنْ لَا يَطْبُخَ إلَّا لَحْمًا مُنْفَرِدًا لَا يَخْلِطُهُ بِغَيْرِهِ مِنْ اللُّحُومِ بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ السُّفَهَاءِ مِنْهُمْ مِنْ خَلْطِهِمْ اللَّحْمَ الضَّانِيَ مَعَ الْبَقَرِيِّ وَيَبِيعُونَهُ كُلَّهُ عَلَى أَنَّهُ لَحْمُ ضَأْنٍ وَهَذَا كُلُّهُ غِشٌّ وَهُوَ مُحَرَّمٌ.
وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَشْتَرُونَ اللَّحْمَ الْبَقَرِيَّ الصَّغِيرَ وَيَطْبُخُونَهُ وَيَبِيعُونَهُ عَلَى أَنَّهُ لَحْمُ ضَأْنٍ وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ أَيْضًا.
وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُ يَبِيتُ عِنْدَهُمْ اللَّحْمُ الْمَطْبُوخُ فَإِذَا كَانَ مِنْ الْغَدِ وَطَبَخُوا اللَّحْمَ الطَّرِيَّ خَلَطُوا مَا بَقِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ اللَّحْمِ الَّذِي طَبَخُوهُ بِالْأَمْسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute