ضَاقَ بِهِمْ فَلْيَدْخُلْ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْخُلْ يُمْسِكْ بِوُقُوفِهِ خَارِجًا عَنْهُ مَوْضِعَ صَفٍّ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهُوَ قَدْ يَسَعُ خَلْقًا كَثِيرًا.
وَلْيَحْذَرْ مِنْ هَذِهِ الْبِدْعَةِ الْأُخْرَى الَّتِي يَفْعَلُهَا بَعْضُ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ أَنَّهُمْ لَا يَعْتَنُونَ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ ثُمَّ إنَّ الْإِمَامَ يَلْتَفِتُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَقُولُ اسْتَوُوا يَرْحَمْكُمْ اللَّهُ ثُمَّ يَلْتَفِتُ عَنْ شِمَالِهِ وَيَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ وَيَقُولُ لَهُ الرَّئِيسُ أَوْ أَحَدُ الْمَأْمُومِينَ كَبِّرْ رَضِيَ اللَّهُ عَنَّا وَعَنْك هَذَا فِعْلُهُمْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصَّفِّ خَلَلٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ كَانَ ثَمَّ خَلَلٌ لَمْ يَسُدَّهُ أَحَدٌ بِقَوْلِهِ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ الْبِدَعِ الْحَادِثَةِ بَعْدَ السَّلَفِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -. وَقَدْ كَانَ الْأَئِمَّةُ مِنْ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يُوَكِّلُونَ الرِّجَالَ بِتَسْوِيَتِهَا. مِنْهُمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ لَا يُكَبِّرُونَ حَتَّى يَأْتِي مَنْ وَكَّلُوهُمْ بِذَلِكَ فَيُخْبِرُوهُمْ أَنَّهَا قَدْ اسْتَوَتْ فَيُكَبِّرُونَ إذْ ذَاكَ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ» وَقَدْ نُقِلَ عَنْ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّ ثِيَابَهُمْ كَانَتْ تَنْقَطِعُ مِنْ جِهَةِ الْمَنَاكِبِ أَوَّلًا لِشِدَّةِ تَرَاصِّهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ وَهَذِهِ السَّجَّادَاتُ تَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ ضَرُورَةً لِأَنَّهَا تُبْسَطُ عَلَى مَوْضِعٍ فِي الْمَسْجِدِ يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ صَاحِبُهَا فِي قِيَامِهِ وَسُجُودِهِ اللَّهُمَّ إلًّا أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ مَنْ بِجَانِبِهِ حَتَّى يُصَلِّيَ مَعَهُ عَلَيْهَا فَيَخْرُجُ عَنْ بَابِ الْكَرَاهَةِ لَكِنْ يَدْخُلُ عَلَى صَاحِبِهَا وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَنْ يُصَلِّي إلَى جَانِبِهِ مُتَوَرِّعًا أَوْ فِي كَسْبِ صَاحِبِهَا عِلَّةُ شُبْهَةٍ أَوْ حَرَامٌ، وَقَدْ يَكُونُ كَسْبُهُ حَلَالًا لَكِنْ يَمْتَنِعُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ تَخْرِيجُهُ مِنْ دُخُولِ الْمِنَّةِ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا يُفْعَلُ لِأَنَّهُ يَأْتِي إلَى فِعْلٍ مَنْدُوبٍ وَهُوَ التَّرَاصُّ فِي الصَّفِّ فَيَقَعُ فِي مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ
[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّة دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ]
فَصْلٌ فِي دُخُولِهِ فِي الصَّلَاةِ
فَإِذَا اسْتَوَتْ الصُّفُوفُ فَلْيَنْوِ إذْ ذَاكَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ بِقَلْبِهِ وَلَا يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute