مِنْ الْأَجْرِ فِي إعَانَتِهِمْ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ إذْ إنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَا يُحْسِنُونَ الذَّبْحَ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يُحْسِنُهُ لَكِنْ قَدْ يَعْجِزُ عَنْهُ لِضَرُورَاتٍ تَقَعُ لَهُ وَكُلُّ مَنْ أَعَانَ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ فَاعِلِهِ.
ثُمَّ اعْلَمْ رَحِمَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَتَعَيَّنُ الِاهْتِمَامُ بِذِكْرِهَا وَالتَّنْبِيهِ عَلَى مُهِمَّاتِهَا؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ أَمَانَةٌ فَلَا يَتَوَلَّى أَمْرَهَا إلَّا أَمِينٌ لَا يُتَّهَمُ فِي دِينِهِ إذْ إنَّ لَهَا أَحْكَامًا تَخُصُّهَا مِنْ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ وَالْفَضَائِلِ وَشُرُوطِ الصِّحَّةِ وَشُرُوطِ الْفَسَادِ وَمَا يَجُوزُ أَكْلُهُ مِنْ الذَّبِيحَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ وَمَا يُكْرَهُ وَمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مَنْ يَذْبَحُهَا عَالِمًا بِأَحْكَامِهَا ثِقَةً أَمِينًا خِيفَةَ أَنْ يُطْعِمَ الْمُسْلِمِينَ الْحَرَامَ وَيَأْخُذَ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ؛ لِأَنَّ النَّجِسَ لَا قِيمَةَ لَهُ شَرْعًا.
[فَرَائِضُ الذَّكَاة]
فَفَرَائِضُهَا خَمْسٌ: وَهِيَ النِّيَّةُ: وَمَعْنَاهَا أَنْ يَقْصِدَ بِذَبْحِهِ لَهَا تَحْلِيلَهَا لِمَنْ يَأْكُلُهَا.
وَالْفَوْرُ: وَهُوَ أَنْ يَذْبَحَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا مُهْلَةَ فِيهِ.
وَقَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ.
فَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْفَرَائِضِ لَمْ تُؤْكَلْ.
وَاخْتُلِفَ فِي أَرْبَعٍ إذَا لَمْ يَقْطَعْ الْمَرِيءَ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا قَطَعَ النِّصْفَ فَأَكْثَرَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَتْ الْجَوْزَةُ إلَى الْبَدَنِ وَإِذَا بَعَّضَ الذَّبْحَ فَرَفَعَ يَدَهُ ثُمَّ أَعَادَهَا فِي الْفَوْرِ.
[سُنَنُ الذَّكَاة]
وَسُنَنُهَا أَرْبَعٌ: إحْدَادُ الْآلَةِ وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالتَّسْمِيَةُ وَالصَّبْرُ عَلَيْهَا إلَى أَنْ تَبْرُدَ، فَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ السُّنَنِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا كُرِهَ أَكْلُهَا إلَّا التَّسْمِيَةُ فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ إلَّا أَنْ يَتَأَوَّلَ.
[فَضَائِلُ الذَّكَاة]
وَفَضَائِلُهَا أَرْبَعٌ: سَوْقُهَا إلَى مَوْضِعِ الذَّبْحِ بِرِفْقٍ وَإِضْجَاعُهَا عَلَى جَنْبِهَا الْأَيْسَرِ بِرِفْقٍ وَأَنْ يَجْعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى عَلَى صَفْحَةِ خَدِّهَا الْأَيْمَنِ وَأَنْ لَا يَذْبَحَ بَهِيمَةً وَالْأُخْرَى تَنْظُرُ إلَيْهَا
وَتَصِحُّ ذَكَاةُ مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْصَافٍ: أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا عَارِفًا بِالذَّبْحِ قَاصِدًا لِلتَّذْكِيَةِ.
، وَلَا تَصِحُّ مِنْ خَمْسٍ: صَغِيرٌ لَا يُمَيِّزُ الْعِبَادَاتِ وَمَجْنُونٌ وَسَكْرَانُ لَا يُمَيِّزُ مَا يَفْعَلُ وَمَجُوسِيٌّ وَمُرْتَدٌّ.
وَاخْتُلِفَ فِي ذَكَاةِ أَرْبَعٍ: الصَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ وَالْمَرْأَةُ وَالْكِتَابِيُّ إذَا وَكَّلَهُ الْمُسْلِمُ أَنْ يَذْبَحَ لَهُ وَالْمُضَيِّعُ لِصَلَوَاتِهِ هَلْ تُؤْكَلُ