تَجِدُ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَنْ فِيهِ قَابِلِيَّةٌ لِلْفَهْمِ لِذَكَائِهِ وَحِذْقِهِ ثُمَّ يَتْرُكُ الِاشْتِغَالَ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى تَحْصِيلِهِ
[عَلَى الطَّبِيبِ أَنْ يَتْرُكَ مَا اعْتَادَهُ بَعْضُ مَنْ انْغَمَسَ فِي الْجَهْلِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ]
(فَصْلٌ) وَيَتَعَيَّنُ عَلَى الطَّبِيبِ أَنْ يَتْرُكَ مَا اعْتَادَهُ بَعْضُ مَنْ انْغَمَسَ فِي الْجَهْلِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصُّنَّاعِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ الْعَلِيلُ الْعَافِيَةَ وَكَانَ الْمَرِيضُ مِمَّنْ لَهُ جِدَةٌ فِي الدُّنْيَا وَثَرْوَةٌ فَإِنَّهُمْ يَخْلَعُونَ عَلَى الطَّبِيبِ خِلْعَةَ حَرِيرٍ وَذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَى الرِّجَالِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَلْبَسَهَا، وَلَا أَنْ يَقْبَلَهَا، وَلَا أَنْ يَبِيعَهَا لِمَنْ يَلْبَسُهَا مِنْ الرِّجَالِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهَا وَيُفَصِّلَهَا لِلنِّسَاءِ فَنَعَمْ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَلْبَسَهَا حِينَ خُلِعَتْ عَلَيْهِ، وَلَا بَعْدَهُ
[فَصْلٌ عَلَى الْمَرِيضِ أَوْ وَلِيِّهِ امْتِثَالُ السُّنَّةِ فِي الصَّدَقَةِ]
(فَصْلٌ) وَآكَدُ مَا عَلَى الْمَرِيضِ أَوْ وَلِيِّهِ امْتِثَالُ السُّنَّةِ فِي الصَّدَقَةِ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «دَاوُوا مَرَضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَادْفَعُوا الْبَلَاءَ بِالصَّدَقَةِ وَاسْتَعِينُوا عَلَى قَضَاءِ حَوَائِجِكُمْ بِالصَّدَقَةِ» وَذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى حَالِ الْمَرَضِ وَالْمَرِيضِ فَإِنْ كَانَ الْمَرَضُ شَدِيدًا فَلْيُكْثِرْ مِنْ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَجُهْدُ الْمُقِلِّ، لِحَدِيثِ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي التَّمْرَةِ الَّتِي تَصَدَّقَتْ بِهَا عَلَى الْمَرْأَةِ وَمَعَهَا ابْنَتَانِ فَشَقَّتْهَا نِصْفَيْنِ وَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفًا» .
وَالْمَقْصُودُ مِنْ الصَّدَقَةِ أَنَّ الْمَرِيضَ يَشْتَرِي نَفْسَهُ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِقَدْرِ مَا تُسَاوِي نَفْسُهُ عِنْدَهُ وَالصَّدَقَةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ تَأْثِيرٍ عَلَى الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ الْمُخْبِرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَادِقٌ وَالْمُخْبَرَ عَنْهُ كَرِيمٌ مَنَّانٌ، ثُمَّ إنَّ الثَّوَابَ حَاصِلٌ بِنَفْسِ الصَّدَقَةِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ صَحَّ صَاحِبُهَا مِنْ مَرَضِهِ فَبَخٍ عَلَى بَخٍ وَهُوَ الْغَالِبُ فِي حَقِّ مَنْ امْتَثَلَ السُّنَّةَ الْمُطَهَّرَةَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَيَجِدُ صَدَقَتَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْفَرَ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَلْ مُضَاعَفَةً إلَى سَبْعِمِائَةٍ كَمَا وَرَدَ {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ٢٦١] وَالصَّدَقَةُ لِلْمَرِيضِ عَامَّةٌ فِي الْأَقْسَامِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
ثُمَّ إنَّهَا لَيْسَتْ خَاصَّةً بِالْمَرِيضِ وَإِنَّمَا تَتَأَكَّدُ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ.
وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى عُمُومِهَا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute