للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَأْذَنَ وَلِيُّهُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ فَهُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَأَكْلُهُ لِذَلِكَ سُحْتٌ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ تَصَرُّفٌ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ

[فَصْلٌ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ الْمُؤَدِّبُ الصَّبِيَّ مِنْ الْآدَابِ]

ِ وَيَنْبَغِي لَهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتْرُكَ أَحَدًا مِنْ الصِّبْيَانِ يَأْتِي إلَى الْكُتَّابِ بِغِذَائِهِ وَلَا بِفِضَّةٍ مَعَهُ وَلَا فُلُوسٍ لِيَشْتَرِيَ شَيْئًا فِي الْمَكْتَبِ؛ لِأَنَّ مِنْ هَذَا الْبَابِ تَتْلَفُ أَحْوَالُهُمْ وَيَنْكَسِرُ خَاطِرُ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ مِنْهُمْ وَالضَّعِيفِ لِمَا يَرَى مِنْ جِدَةِ غَيْرِهِ فَيَدْخُلُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ ضَارَّ بِمُسْلِمٍ أَضَرَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ» انْتَهَى؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْفَقِيرِ يَرْجِعُ إلَى بَيْتِهِ مُنْكَسِرًا خَاطِرُهُ مُتَشَوِّشًا فِي نَفْسِهِ غَيْرَ رَاضٍ بِنَفَقَةِ وَالِدَيْهِ عَلَيْهِ لِمَا يَرَى مِنْ نَفَقَةِ مَنْ لَهُ اتِّسَاعٌ فِي الدُّنْيَا وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ جُمْلَةٌ قَلَّ أَنْ تَنْحَصِرَ وَفِيمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ كِفَايَةٌ. وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَدَعَ أَحَدًا مِنْ الْبَيَّاعِينَ يَقِفُ عَلَى الْمَكْتَبِ لِيَبِيعَ لِلصِّبْيَانِ إذْ فِيهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ إنْ اُشْتُرِيَ مِنْهُ.

وَيَنْبَغِي لِلْمُؤَدِّبِ أَنْ لَا يُكْثِرَ الْكَلَامَ مَعَ مَنْ مَرَّ عَلَيْهِ مِنْ إخْوَانِهِ إذْ مَا هُوَ فِيهِ آكِدٌ عَلَيْهِ مِنْ الْحَدِيثِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِأَكْبَرِ الطَّاعَاتِ لِلَّهِ تَعَالَى اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ فَرْضٌ أَوْ أَمْرٌ هُوَ أَهَمُّ فِي الْوَقْتِ مِمَّا هُوَ فِيهِ فَنَعَمْ. وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُؤَدِّبِينَ تَجِدُهُمْ بِضِدِّ هَذَا الْحَالِ يَتَحَدَّثُونَ كَثِيرًا مَعَ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَالصِّبْيَانُ يُبْطِلُونَ مَا هُمْ فِيهِ وَيَلْهُونَ عَنْهُ وَيَلْعَبُونَ فَلْيَحْذَرْ مِنْ هَذَا أَنْ يَقَعَ مِنْهُ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ الْكُتَّابِ بِالسُّوقِ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى شَوَارِعِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فِي الدَّكَاكِينِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ بِمَوْضِعٍ لَيْسَ بِمَسْلُوكٍ لِلنَّاسِ فَإِنَّ الصِّبْيَانَ يُسْرِعُ إلَيْهِمْ الْقِيلُ وَالْقَالُ فَإِذَا كَانَ بِالسُّوقِ أَوْ عَلَى الطَّرِيقِ أَوْ فِي الدَّكَاكِينِ ذَهَبَ عَنْهُمْ ذَلِكَ وَفِيهِ فَائِدَةٌ أُخْرَى عَظِيمَةٌ وَهِيَ إظْهَارُ الشَّعَائِرِ؛ لِأَنَّهُ أَجَلُّهَا كَذَلِكَ يَحْذَرُ أَنْ يَتَّخِذَ الْكُتَّابَ فِي الْمَسَاجِدِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «جَنِّبُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>