[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ آدَابِ الْمُجَاهِدِ وَكَيْفِيَّةِ نِيَّتِهِ وَهَدْيِهِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَصْلٌ فِي ذِكْرِ آدَابِ الْمُجَاهِدِ، وَكَيْفِيَّةِ نِيَّتِهِ، وَهَدْيِهِ قَدْ تَقَدَّمَ - رَحِمَنَا اللَّهُ، وَإِيَّاكَ - آدَابُ الْعَالِمِ، وَهَدْيُهُ، وَمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ نِيَّتُهُ فَالْمُجَاهِدُ، وَغَيْرُهُ تَبَعٌ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا شَيْئًا قَلِيلًا اخْتَصَّ بِهِ الْعَالِمُ، وَشَيْئًا قَلِيلًا اخْتَصَّ بِهِ الْمُجَاهِدُ يَقَعُ ذِكْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.، وَلْتَعْلَمْ أَنَّ الْجِهَادَ يَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ: جِهَادٌ أَصْغَرُ، وَجِهَادٌ أَكْبَرُ، فَالْجِهَادُ الْأَكْبَرُ هُوَ جِهَادُ النُّفُوسِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «هَبَطْتُمْ مِنْ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ» ، وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذِكْرِ آدَابِ الْفَقِيرِ الْمُنْقَطِعِ، وَالْكَلَامُ هُنَا إنَّمَا هُوَ عَلَى الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ، وَهُوَ: جِهَادُ أَهْلِ الْكُفْرِ، وَالْعِنَادِ، وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ الطَّاعَاتِ، وَأَعْظَمِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ طَلَبُ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ بِهِ يَعْرِفُ الْمُجَاهِدُ فَضِيلَةَ الْجِهَادِ، وَكَيْفَ يُجَاهِدُ، وَبِمَاذَا يَصِحُّ لَهُ الْجِهَادُ، وَبِمَاذَا يَفْسُدُ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ فَكَانَ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ؛ لِمَا جَاءَ فِي تَفْضِيلِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَالْحَدِيثُ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى أَحْوَالِ النَّاسِ فَرُبَّ شَخْصٍ لَيْسَ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِطَلَبِ الْعِلْمِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْجِهَادِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ فَضْلِ الْقُوَّةِ، وَالشَّجَاعَةِ، وَالْإِقْدَامِ فَالْجِهَادُ فِي حَقِّ هَذَا يَتَأَكَّدُ أَمْرُهُ، وَآخَرُ يَكُونُ فِيهِ ذَكَاءٌ، وَفَهْمٌ، وَحِفْظٌ، وَتَحْصِيلٌ لِلْمَسَائِلِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الضَّرْبِ، وَالطَّعْنِ فَطَلَبُ الْعِلْمِ لِمِثْلِ هَذَا يَتَعَيَّنُ، وَقَدْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ بِحَسَبِ حَالِ الْوَقْتِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْجِهَادُ فِيهِ فَضْلٌ كَبِيرٌ جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ، وَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ.
لَكِنْ يَنْبَغِي لِلْمُجَاهِدِ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِي الْجِهَادِ حَتَّى يَسْأَلَ أَهْلَ الْعِلْمِ عَمَّا يَلْزَمُهُ فِي جِهَادِهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْهُ. لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute