للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَرِيضُ امْرَأَةً مُسْلِمَةً؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ عَدُوُّ اللَّهِ يَتَمَتَّعُ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَيَجُسُّهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُسْلِمَةَ لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُظْهِرَ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهَا عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْيَهُودِيَّةِ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ مِنْهُنَّ فَمَا بَالُك بِالرَّجُلِ وَقَدْ تَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ إلَى كَشْفِ بَعْضِ بَدَنِهَا لِيَرَى مَوْضِعَ الْأَلَمِ مِنْهَا فَيُبَاشِرُ ذَلِكَ عَدُوُّ اللَّهِ وَعَدُوُّ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا أَمْرٌ فَظِيعٌ يَقْبُحُ سَمَاعُهُ فَكَيْفَ بِتَعَاطِيهِ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا أَنَّ الْكَافِرَ يَصِفُ لِبَعْضِ النَّاسِ زَوْجَةَ الْمُسْلِمِ أَوْ ابْنَتَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ خِصَالِهِمْ الْمَذْمُومَةِ وَهِيَ كَثِيرَةٌ وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ الْغَيْرَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَمْنُوعًا فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ عَافَانَا اللَّهُ مِنْ بَلَائِهِ بِمَنِّهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ أَجَازَ الْعُلَمَاءُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ كَشْفَ الْعَوْرَةِ لِلطَّبِيبِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَرِيضُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً. فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مَعَ وُجُودِ الضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو لِمُبَاشَرَةِ الْكَافِرِ مَعَ وُجُودِ الطَّبِيبِ الْمُسْلِمِ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

[فَصْلٌ لَا يَأْخُذَ مِنْ الْأَطِبَّاءِ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ]

(فَصْلٌ) فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُتَحَرَّزَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى مَرِيضِهِ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْأَطِبَّاءِ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِهَذَا الشَّأْنِ مِنْ الشُّبَّانِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُمْ الْإِجَازَاتُ بِصِنَاعَةِ الطِّبِّ أَوْ الْكُحْلِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُعَوَّلُ عَلَى نَفْسِ مَعْرِفَتِهِ وَدِينِهِ وَتَجْرِبَتِهِ لِلْأُمُورِ وَمَا يَعْتَوِرُهُ فِي صَنْعَتِهِ وَالشُّبَّانُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ كَبِيرُ أَمْرٍ فِي التَّجْرِبَةِ وَالدُّرْبَةِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْخَطَأَ فِي هَذَا كَبِيرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَخْطَأَ الطَّبِيبُ قَتَلَ أَوْ الْكَحَّالُ أَعْمَى. فَالْحَاصِلُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى مَنْ هُوَ أَصْلُحُ فِي الْوَقْتِ مِنْ أَطِبَّاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَعْرِفَةِ وَالتَّجْرِبَةِ وَالدِّينِ فَيُسْكَنُ إلَى وَصْفِهِ.

وَمَا وُصِفَ فِي أَمْرِ الطَّبِيبِ فَهُوَ مَطْلُوبٌ فِي الْكَحَّالِ أَيْضًا إذْ إنَّ الْكَحَّالَ يُبَاشِرُ وَجْهَ الْمَرْأَةِ بِيَدَيْهِ وَيَنْظُرُ لَهَا بِعَيْنَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا ذَا مَعْرِفَةٍ وَدِينٍ أَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إلَى حَالِ أَهْلِ وَقْتِهِ فِي ذَلِكَ.

وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>