إخْوَانَهُ الْمُسْلِمِينَ مَا هُوَ جَائِزٌ شِرَاؤُهُ وَبَيْعُهُ فَيُثَابُ عَلَيْهِ فَتَحْصُلُ الْبَرَكَةُ لِجَمَاعَةٍ لِزَارِعِهَا وَبَائِعِهَا وَلِلْخُضَرِيِّ وَلِلْمُشْتَرِي مِنْهُ وَلِآكِلِهَا.
ثُمَّ الْعَجَبُ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّنْ يَتَعَاطَى الْعِلْمَ وَالْفِقْهَ كَيْفَ لَا يُغَيِّرُونَ ذَلِكَ أَوْ يَتَكَلَّمُونَ عَلَيْهِ أَوْ يُبَيِّنُونَهُ لِمَنْ حَضَرَهُمْ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ عِلْمَ ذَلِكَ بَلْ بَعْضُهُمْ عَلَى عَكْسِ هَذَا الْحَالِ يَفْتَخِرُونَ بِأَكْلِهَا وَهِيَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ الْمَمْنُوعَةِ شَرْعًا فَأَيْنَ الْعِلْمُ وَأَيْنَ أَهْلُهُ وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ الْعَارِفُ رَزِينٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِهِ وَإِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءٌ وَقَعَتْ عَلَى غَيْرِ مُسَمَّيَاتِ؛ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.
[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْقُلْقَاسِ]
وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا أَحْدَثَهُ بَعْضُهُمْ فِي بَيْعِ الْقُلْقَاسِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى نَوْعَيْنِ رُءُوسٍ وَأَصَابِعَ وَالْأَصَابِعُ أَحْسَنُهُ وَأَطْيَبُهُ فَيُدَلِّسُ بَعْضُهُمْ بِالرُّءُوسِ فَيُقَشِّرُهَا وَيُقَطِّعُهَا عَلَى قَدْرِ الْأَصَابِعِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا وَيَخْلِطُهَا مَعَهَا ثُمَّ يَبِيعُ ذَلِكَ بِسَوْمٍ وَاحِدٍ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْغِشِّ وَالتَّدْلِيسِ؛ لِأَنَّ الْأَصَابِعَ وَالرُّءُوسَ مُخْتَلِفَانِ فِي الثَّمَنِ وَالطَّعْمِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِمَا وَالرَّغْبَةِ فِيهِمَا وَالْمُحَاوَلَةِ لَهُمَا غَالِبًا وَلِأَنَّ النَّارَ الَّتِي تُنْضِجُ الْأَصَابِعَ لَا تُنْضِجُ الرُّءُوسَ فَيَحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ الْوَقُودِ عَلَيْهَا إذَا طَبَخَهُمَا مَعًا، وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ انْحَلَّتْ الْأَصَابِعُ وَقَدْ تَكُونُ الرُّءُوسُ لَمْ تَنْضَحْ بَعْدُ وَتَدْخُلُهُ الْمُغَابَنَةُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يُرِيدُ أَنْ يَجْبُرَ الرُّءُوسَ وَالْمُشْتَرِي يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ مِنْ الْأَصَابِعِ فِي الْغَالِبِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَخَلْطُهُمَا غِشٌّ وَتَدْلِيسٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَالْوَجْهُ الْجَائِزُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَبِيعَهُ عَلَى حِدَتِهِ كُلٌّ بِسَوْمٍ يَخُصُّهُ وَهَذَا وَجْهٌ مُتَيَسِّرٌ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ.
فَعَلَى هَذَا مَا يَفْعَلُونَهُ مِنْ الْخَلْطِ لَيْسَ ثَمَّ ضَرُورَةٌ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ لِسُهُولَةِ الْأَمْرِ فِي بَيْعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ بَلْ فِعْلُهُمْ ذَلِكَ إمَّا لِلْجَهْلِ بِالْعِلْمِ أَوْ لِمُجَرَّدِ الْغِشِّ أَوْ لِلْعَوَائِدِ الرَّدِيئَةِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ.
وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُرَجِّحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute