للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

[شُرُوطُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَأَرْكَانُهَا وَسُنَنُهَا]

وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهَةٌ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، جَائِزَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ هِيَ الْبِدْعَةُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى شُرُوطِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَفَرَائِضِهَا وَسُنَنِهَا وَفَضَائِلِهَا، لَكِنْ بَقِيَتْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَأَرْكَانُهَا وَسُنَنُهَا.

فَشُرُوطُهَا سَبْعَةٌ وَهِيَ: طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَطَهَارَةُ الْخَبَثِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَتَرْكُ الْكَلَامِ وَتَرْكُ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ وَالنِّيَّةُ.

وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ: أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ وَالدُّعَاءُ وَالتَّسْلِيمُ وَالْقِيَامُ مَعَ الْقُدْرَةِ. وَسُنَنُهَا سِتَّةٌ:

الْأُولَى: رَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةُ: الْحَمْدُ وَالثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالثَّالِثَةُ: الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالرَّابِعَةُ: التَّيَامُنُ بِالسَّلَامِ وَإِخْفَاؤُهُ وَالْخَامِسَةُ: أَنْ تَكُونَ فِي جَمَاعَةٍ، وَالسَّادِسَةُ: أَنْ يُوضَعَ الْمَيِّتُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي، وَرَأْسُهُ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ، وَمَوْضِعُ قِيَامِ الْمُصَلِّي فِي وَسَطِ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةُ عِنْدَ مَنْكِبَيْهَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّهُ يَخَافُ عَلَيْهِ إنْ قَامَ فِي وَسَطِهَا أَنْ يَتَذَكَّرَ بِذَلِكَ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ، أَوْ مَا تُنَزَّهُ الصَّلَاةُ عَنْهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ مِمَّنْ يُغْسَلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ.

وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْمَوْتَى لَا يُغَسَّلُونَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ:

أَوَّلُهُمْ: الشَّهِيدُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فِي نُصْرَةِ التَّوْحِيدِ.

وَالثَّانِي: السِّقْطُ إذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا، وَلَا حُكْمَ لِحَرَكَتِهِ.

وَالثَّالِثُ: الْكَافِرُ إذَا مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ، وَقَدْ وَرَدَتْ فِي الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ أَحَادِيثُ وَآثَارٌ جُمْلَةً، وَقَدْ جَمَعَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ أَبِي زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - غَالِبَ ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي رِسَالَتِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَاتَ وَأَحْيَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يُحْيِي الْمَوْتَى لَهُ الْعَظَمَةُ وَالْكِبْرِيَاءُ وَالْمُلْكُ وَالْقُدْرَةُ وَالثَّنَاءُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْت وَرَحِمْت وَبَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك أَنْتَ خَلَقْته وَأَنْتَ رَزَقْته وَأَنْتَ أَمَتَّهُ وَأَنْتَ تُحْيِيهِ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِسِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ جِئْنَاك شُفَعَاءَ لَهُ فَشَفِّعْنَا فِيهِ.

اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَجِيرُ بِحَبْلِ جِوَارِك لَهُ إنَّك ذُو وَفَاءٍ وَذِمَّةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>