فَيَأْتِي إلَيْهِمْ الزَّائِرُ وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ قَصْدُهُمْ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ، فَإِذَا جَاءَ إلَيْهِمْ فَلْيَتَّصِفْ بِالذُّلِّ، وَالِانْكِسَارِ، وَالْمَسْكَنَةِ، وَالْفَقْرِ، وَالْفَاقَةِ، وَالْحَاجَةِ، وَالِاضْطِرَارِ، وَالْخُضُوعِ وَيُحْضِرْ قَلْبَهُ وَخَاطِرَهُ إلَيْهِمْ، وَإِلَى مُشَاهَدَتِهِمْ بِعَيْنِ قَلْبِهِ لَا بِعَيْنِ بَصَرِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَبْلَوْنَ وَلَا يَتَغَيَّرُونَ، ثُمَّ يُثْنِي عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَيْهِمْ وَيَتَرَضَّى عَنْ أَصْحَابِهِمْ، ثُمَّ يَتَرَحَّمُ عَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ، ثُمَّ يَتَوَسَّلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهِمْ فِي قَضَاءِ مَآرِبِهِ وَمَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِ وَيَسْتَغِيثُ بِهِمْ وَيَطْلُبُ حَوَائِجَهُ مِنْهُمْ وَيَجْزِمُ بِالْإِجَابَةِ بِبَرَكَتِهِمْ وَيُقَوِّي حُسْنَ ظَنِّهِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ بَابُ اللَّهِ الْمَفْتُوحِ، وَجَرَتْ سُنَّتُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَبِسَبَبِهِمْ وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْوُصُولِ إلَيْهِمْ فَلْيُرْسِلْ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ وَذِكْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ حَوَائِجِهِ وَمَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِ وَسَتْرِ عُيُوبِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ السَّادَةُ الْكِرَامُ، وَالْكِرَامُ لَا يَرُدُّونَ مَنْ سَأَلَهُمْ وَلَا مَنْ تَوَسَّلَ بِهِمْ، وَلَا مَنْ قَصَدَهُمْ وَلَا مَنْ لَجَأَ إلَيْهِمْ هَذَا الْكَلَامُ فِي زِيَارَةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْمُرْسَلِينَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عُمُومًا.
[فَصْلٌ زِيَارَةِ سَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ]
فَصْلٌ وَأَمَّا فِي زِيَارَةِ سَيِّدِ الْأَوَّلِينَ، وَالْآخِرِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ فَكُلُّ مَا ذُكِرَ يَزِيدُ عَلَيْهِ أَضْعَافَهُ أَعْنِي فِي الِانْكِسَارِ، وَالذُّلِّ، وَالْمَسْكَنَةِ؛ لِأَنَّهُ الشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ الَّذِي لَا تُرَدُّ شَفَاعَتُهُ وَلَا يَخِيبُ مَنْ قَصْدَهُ وَلَا مَنْ نَزَلَ بِسَاحَتِهِ وَلَا مَنْ اسْتَعَانَ، أَوْ اسْتَغَاثَ بِهِ، إذْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قُطْبُ دَائِرَةِ الْكَمَالِ وَعَرُوسُ الْمَمْلَكَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: ١٨] قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ رَأَى صُورَتَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَإِذَا هُوَ عَرُوسُ الْمَمْلَكَةِ فَمَنْ تَوَسَّلَ بِهِ، أَوْ اسْتَغَاثَ بِهِ، أَوْ طَلَبَ حَوَائِجَهُ مِنْهُ فَلَا يُرَدُّ وَلَا يَخِيبُ لِمَا شَهِدَتْ بِهِ الْمُعَايَنَةُ، وَالْآثَارُ وَيَحْتَاجُ إلَى الْأَدَبِ الْكُلِّيِّ فِي زِيَارَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute