للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَكُونَ عَلَيْهِ رِعَايَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى انْتَهَى.

وَنَحْنُ الْيَوْمَ مَعَ قِلَّةِ الْإِخْلَاصِ وَقِلَّةِ الْيَقِينِ وَالْجَزَعِ مِنْ الْخَلْقِ وَالطَّمَعِ فِيمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَالِ وَالْجَاهِ نُحِبُّ أَنْ يُسْمَعَ مَا نُلْقِيهِ وَيُخْبَرُ عَنَّا بِهِ وَيُشَاعُ وَيُذَاعُ كُلُّ هَذَا سَبَبُهُ الْمُوَاطَأَةُ لِبَعْضِنَا بَعْضًا فَإِذَا كَانَ الْعَالِمُ حِينَ جُلُوسِهِ يَعْمَلُ عَلَى التَّحَفُّظِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَيَتَنَبَّهُ فِي نَفْسِهِ لَهَا وَيُنَبِّهُ أَصْحَابَهُ عَلَيْهَا انْحَسَمَتْ وَقَلَّ أَنْ يَقَعَ فِي مَجْلِسِهِ خَلَلٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَكَذَلِكَ أَيْضًا يَنْبَغِي لَهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَجْحَدَ ضَرُورَةً وَأَنْ لَا يَنْزَعِجَ عِنْدَ إيرَادِ الْمَسَائِلِ عَلَيْهِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهَا وَالْإِلْحَاحِ عَلَيْهِ بِهَا لِأَنَّ الِانْزِعَاجَ لَيْسَ مِنْ شِيَمِ الْعُلَمَاءِ وَلَا مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَكَذَلِكَ جَحْدُ الْحَقِّ لَيْسَ مِنْ شِيَمِهِمْ بَلْ مِنْ شِيَمِ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ فَيَحْذَرُ مِنْ هَذَا أَيْضًا فِي نَفْسِهِ وَفِي مَجْلِسِهِ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ حِينَ جُلُوسِهِ لِإِصَابَةِ الْحَقِّ وَالصَّوَابِ عَلَى لِسَانِ مَنْ خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ قَبْلَهُ وَيَسَّرَ بِهِ وَلَا يَخْتَارُ بِنِيَّتِهِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَأْتِي بِالصَّوَابِ فِي كُلِّ دَرْسِهِ لَيْسَ إلَّا بَلْ يَخْتَارُ الْحَقَّ وَالصَّوَابَ وَلَا يُعَيِّنُ جِهَةً لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَالَ «لَا يَبْلُغُ أَحَدٌ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ الْمُؤْمِنِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» انْتَهَى وَالْعَالِمُ أَوْلَى مَنْ يَأْخُذُ بِحَقِيقَةِ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْخُذْ بِهِ مَنْ يَعْرِفُهُ فَكَيْفَ يَأْخُذُ بِهِ مَنْ يَجْهَلُهُ بَلْ النَّاسُ مُطَالَبُونَ بِتَصَرُّفِ هَذَا الْعَالِمِ فِي الِاقْتِدَاءِ بِهِ فَكَمَا لَا يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ وَلَا يُحِبُّ لَهَا أَنْ تَتَكَلَّمَ إلَّا بِالْحَقِّ وَالصَّوَابِ فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ إخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ سَوَاءٌ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَيَمْتَثِلُ هَذَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَيُرْشِدُ غَيْرَهُ إلَيْهِ وَيُنَبِّهُ عَلَيْهِ

[فَصْلٌ يَتَفَقَّدَ الْعَالم إخْوَانَهُ وَجُلَسَاءَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمَسَائِلِ]

(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ أَيْضًا أَنَّ يَتَفَقَّدَ إخْوَانَهُ وَجُلَسَاءَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمَسَائِلِ وَالْفُرُوعِ بِمَعْرِفَةِ السُّنَّةِ وَالْعَمَلِ بِهَا وَالتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا وَمَعْرِفَةِ فَضْلِهَا وَعُلُوِّ قَدْرِهَا، وَقَدْرِ مَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهَا وَيَتْبَعُهَا وَالتَّجَنُّبِ عَنْ الْبِدْعَةِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا وَمَا يَحْصُلُ بِهَا مِنْ الْمَقْتِ لِفَاعِلِهَا فَإِنَّ هَذَا الْعِلْمَ الْيَوْمَ هُوَ الْأَصْلُ، وَهُوَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى أَكْثَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>