للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ تَكُنْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَالِاعْتِكَافُ لَا يَصِحُّ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهَا؛ لِكَوْنِهَا مَحْجُورَةً.

وَفِي مَوْضِعِ الْفَسْقِيَّةِ مَفْسَدَةٌ أُخْرَى أَكْثَرُ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْمَقَاصِيرِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ يَصِلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ إلَى مَا يُرِيدُهُ مِنْ أَغْرَاضِهِ الْخَسِيسَةِ، إذْ أَنَّهَا أَكْثَرُ سِتْرًا مِنْ الْمَقَاصِيرِ؛ لِأَنَّهَا فِي مُؤَخِّرِ الْمَسْجِدِ، وَالْغَالِبُ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُمْ يَأْتُونَ الصَّفَّ الْأَوَّلَ وَمَا قَارَبَهُ فَيَبْقَى مُؤَخِّرُ الْمَسْجِدِ فِي الْغَالِبِ خَالِيًا، سِيَّمَا إنْ كَانَ لَيْلًا، وَهُمْ لَا يَقْعُدُونَ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ إلَّا قَلِيلًا.

[فَصْلٌ مَوْضِعُ الدِّيوَانِ مِنْ الْمَسْجِدِ]

وَأَمَّا مَوْضِعُ الدِّيوَانِ فَلَا يَخْلُو أَيْضًا إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَلَا يَجُوزُ غَلْقُهُ وَلَا تَحْجِيرُهُ وَلَا جُلُوسُ أَهْلِ الدِّيوَانِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ الِاعْتِكَافُ، إذْ أَنَّ مِنْ شَرْطِهِ الْمَسْجِدَ كَمَا تَقَدَّمَ.

[فَصْلٌ الزَّخْرَفَةِ فِي الْمِحْرَابِ]

(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُغَيِّرَ مَا أَحْدَثُوهُ مِنْ الزَّخْرَفَةِ فِي الْمِحْرَابِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ وَهُوَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ.

وَمِنْ الطُّرْطُوشِيِّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَذْكُرُ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَمَا عُمِلَ مِنْ التَّزْوِيقِ فِي قِبْلَتِهِ فَقَالَ: كَرِهَ النَّاسُ ذَلِكَ حِينَ فَعَلَهُ؛ لِأَنَّهُ يَشْغَلُهُمْ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ. وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْمَسَاجِدِ هَلْ يُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ فِي قِبْلَتِهَا بِالصَّبْغِ مِثْلَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَنَحْوِهَا فَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ وَالتَّزْوِيقِ وَقَالَ: إنَّ ذَلِكَ يَشْغَلُ الْمُصَلِّيَ. وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُغَيِّرَ مَا أَحْدَثُوهُ مِنْ إلْصَاقِ الْعُمُدِ فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ وَفِي الْأَعْمِدَةِ، أَوْ مَا يُلْصِقُونَهُ أَوْ يَكْتُبُونَهُ فِي الْجُدْرَانِ وَالْأَعْمِدَةِ. وَكَذَلِكَ يُغَيِّرُ مَا يُعَلِّقُونَهُ مِنْ خِرَقِ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ فِي الْمِحْرَابِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ الْبِدَعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى.

وَأَمَّا التَّخْلِيقُ بِالزَّعْفَرَانِ فِي الْمَسْجِدِ، فَهُوَ جَائِزٌ إذْ إنَّهُ مِنْ الطِّيبِ لَكِنْ قَدْ قَالَ مَالِكٌ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ الصَّدَقَةَ بِثَمَنِ ذَلِكَ أَفْضَلُ، وَيَجُوزُ تَخْلِيقُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ إلَّا مَنْ يَجُوزُ لَهُ دُخُولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>