فَرَغَ مِنْ هَذِهِ الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ تَمَّ غَسْلُهُ عَلَى الْكَمَالِ، ثُمَّ يَتَفَقَّدُ فَمَه وَأَنْفَهُ مِنْ الْمَاءِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ دَخَلَ فِي جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنْهُ: فَيُمِيلُ رَأْسَهُ خَارِجًا عَنْ الدَّكَّةِ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ فِيهِمَا شَيْءٌ خَرَجَ، ثُمَّ يُعِيدُهُ إلَى الدَّكَّةِ، ثُمَّ يُنَظِّفُ مَا تَحْتَ أَظْفَارِهِ بِعُودٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يُقَلِّمُهَا، وَتَقْلِيمُهَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ بِدْعَةٌ مِمَّنْ فَعَلَهُ إذْ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ السَّلَفِ، ثُمَّ يُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ بِمُشْطٍ وَاسِعِ الْأَسْنَانِ.
وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ بِرَأْسِهِ وَيَتَرَفَّقُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ خَرَجَ فِي الْمُشْطِ شَعْرٌ جَمَعَهُ وَأَلْقَاهُ فِي الْكَفَنِ يُدْفَنُ مَعَهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ فُوطَةً أَوْ غَيْرَهَا فَيُنَشِّفُ بِهَا جَمِيعَ بَدَنِ الْمَيِّتِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ نَشَّفَ بِهَا الدَّكَّةَ حَتَّى لَا يَبْتَلَّ بِهَا مَا يَجْعَلُ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ قَمِيصٍ وَغَيْرِهِ.
ثُمَّ يَأْخُذُ فِي تَجْهِيزِهِ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَفْعَلُهُ: أَنْ يَأْخُذَ قُطْنَةً وَيَجْعَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الْكَافُورِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الطِّيبِ، وَالْكَافُورُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ يُرْدِعُ الْمَوَادَّ فَيَجْعَلُهَا عَلَى فَمِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ قُطْنَةً أُخْرَى فَيَفْعَلُ فِيهَا مَا تَقَدَّمَ وَيَسُدُّ بِهَا أَنْفَهُ، ثُمَّ أُخْرَى مِنْ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى وَيُرْسِلُهَا فِي أَنْفِهِ قَلِيلًا، ثُمَّ يَأْخُذُ خِرْقَةً فَيَشُدُّهَا عَلَى الْفَمِ، وَالْأَنْفِ، ثُمَّ يَعْقِدُهَا مِنْ خَلْفِ عُنُقِهِ عَقْدًا وَثِيقًا فَتَبْقَى كَأَنَّهَا اللِّثَامُ، ثُمَّ يَجْعَلُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ خِرْقَةً ثَانِيَةً بَعْدَ وَضْعِ الْقُطْنِ مَعَ الْكَافُورِ عَلَى عَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ وَيَعْقِدُهَا عَقْدًا جَيِّدًا فَتَصِيرُ كَالْعِصَابَةِ.
ثُمَّ يَأْخُذُ خِرْقَةً ثَالِثَةً فَيَشُدُّ بِهَا وَسَطَهُ، ثُمَّ يَأْخُذُ خِرْقَةً رَابِعَةً فَيَعْقِدُهَا عَلَى هَذِهِ الْخِرْقَةِ الْمَشْدُودِ بِهَا وَسَطُهُ أَوْ يَخِيطُهَا فِيهَا، ثُمَّ يَلْحُمُهَا بِهَا بَعْدَ أَنْ يَأْخُذَ قُطْنَةً وَيَجْعَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الطِّيبِ وَالْكَافُورِ، وَهُوَ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّهُ يَشُدُّ الْعُضْوَ وَيَسُدُّهُ، وَيَجْعَلَهَا عَلَى بَابِ الدُّبُرِ وَيُرْسِلَ ذَلِكَ قَلِيلًا بِرِفْقٍ، وَيَزِيدُ لِلْمَرْأَةِ فِي الْقُبُلِ قُطْنَةً أُخْرَى وَيَفْعَلُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الدُّبْرِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، ثُمَّ يَلْحُمُهُ عَلَيْهِ بِالْخِرْقَةِ الْمَذْكُورَةِ، ثُمَّ يَرْبِطُهَا رَبْطًا وَثِيقًا.
وَلْيَحْذَرْ مِنْ هَذِهِ الْبِدْعَةِ، بَلْ الْمُحَرَّمُ الَّذِي يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَهُوَ أَنَّهُمْ يَخْرِقُونَ حُرْمَةَ الْمَيِّتِ وَيُرْسِلُونَ فِي دُبُرِهِ قُطْنًا وَكَذَلِكَ فِي حَلْقِهِ وَأَنْفِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَإِخْرَاقِ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ.
[تَكْفِينُ الْمَيِّتِ]
، ثُمَّ يَأْخُذُ فِي تَكْفِينِهِ فَيَشُدُّ عَلَى وَسَطِهِ مِئْزَرًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute