للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا قَرَأَ إمَامُهُ بِسُورَةِ الْجُمُعَةِ، فَقِيلَ لَهُ أَقِرَاءَةُ سُورَةِ الْجُمُعَةِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ قَالَ لَا أَدْرِي مَا هِيَ سُنَّةٌ وَلَكِنَّ مَنْ أَدْرَكْنَا كَانَ يَقْرَأُ بِهَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ انْتَهَى، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] وَفِي الثَّانِيَةِ بِ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: ١] لَكِنَّ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ عَمَلُ السَّلَفِ الْمَاضِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَالْمُوَاظَبَةُ عَلَى تَرْكِ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْهَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي فَلْيَحْذَرْ مِنْ هَذَا جَهْدَهُ، وَبَعْضُ الْأَئِمَّةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ يَقْرَأُ بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ بِآخِرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} [الجمعة: ٩] إلَى آخِرِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ بِآخِرِ سُورَةِ الْمُنَافِقِينَ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [المنافقون: ٩] إلَى آخِرِهَا. وَهَذَا رَاجِعٌ إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ وَإِطَالَةِ الْخُطْبَةِ وَمَا كَانَ السَّلَفُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - يَقْرَءُونَ إلَّا سُورَةً كَامِلَةً بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ وَإِنْ كَانَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ أَجَازَ الِاقْتِصَارَ عَلَى قِرَاءَةِ بَعْضَ السُّورَةِ فَذَلِكَ مِنْ بَابِ الْجَوَازِ وَالْمَنْدُوبِ، وَالْأَفْضَلُ وَالِاتِّبَاعُ قِرَاءَةُ سُورَةٍ كَامِلَةٍ

[فَصْلٌ فِي الْجَهْر بِالنِّيَّةَ]

{فَصْلٌ} وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ النِّيَّةَ لَا يُجْهَرُ بِهَا فَهُوَ عَامٌّ فِي الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْفَذِّ فَالْجَهْرُ بِهَا بِدْعَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ إذْ إنَّهُ لَمْ يُرْوَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا الْخُلَفَاءَ وَلَا الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - جَهَرُوا بِهَا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَهْرُ بِهَا بِدْعَةٌ. وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْهَى الْمَأْمُومِينَ عَمَّا أَحْدَثُوهُ مِنْ قِرَاءَتِهِمْ بِالْجَهْرِ بِإِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ حِينَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ إيَّاهَا فَيُحَذِّرُ مِنْ هَذَا جَهْدَهُ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْهَى عَنْ الْجَهْرِ خَلْفَهُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ السِّرِّ لِأَنَّ ذَلِكَ خِلَافَ السُّنَّةِ وَفِيهِ التَّشْوِيشُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ يَقْرَبُ مِنْهُ. وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ أَقَلَّ مِنْ هَذَا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>