للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ الطَّبِيبِ مَنْ هُوَ مُبَاشِرٌ لِلْمَرِيضِ وَعَالِمٌ بِحَالِ مَرَضِهِ وَالْمَرِيضُ لَا يَسْتَحْيِ أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِ فَلَا بَأْسَ إذَنْ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الطَّبِيبُ أَمِينًا عَلَى أَسْرَارِ الْمَرْضَى فَلَا يُطْلِعُ أَحَدًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمَرِيضُ إذْ إنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي اطِّلَاعِ غَيْرِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ أَذِنَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ مَعَهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ مِنْ الْمَرِيضِ فِي أَمْرِهِ بِذَلِكَ اسْتِجْلَابَ خَوَاطِرِ الْإِخْوَانِ وَمَنْ يَتَبَرَّكُ بِدُعَائِهِ لَهُ بِظَهْرِ الْغَيْبِ فَهَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا تَقَدَّمَ.

وَيَنْبَغِي لِلطَّبِيبِ أَنْ يُشَهِّيَ الْمَرِيضَ فِي الْأَغْذِيَةِ ثُمَّ يَنْظُرَ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمَرِيضُ فَإِنْ رَأَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَنْفَعَةً لَهُ أَوْ عَدَمَ ضَرَرٍ يَعُودُ عَلَيْهِ حَالًا أَوْ مَآلًا وَسَّعَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ، وَلَا نَفْعٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يُسَامِحَهُ فِيهِ فَرُبَّمَا اشْتَهَتْ نَفْسُ الْمَرِيضِ شَيْئًا وَيَكُونُ سَبَبًا لِرَاحَتِهَا وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ لِكَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ، وَإِنْ رَأَى أَنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَدَلَ عَنْهُ لِغَيْرِهِ وَتَلَطَّفَ بِالْمَرِيضِ فِي مَنْعِهِ لَهُ مِنْهُ وَمَعَ ذَلِكَ يَعِدُهُ بِهِ عَنْ قَرِيبٍ تَطْيِيبًا لِنَفْسِهِ وَلِئَلَّا يَنْزَعِجَ فَيَزِيدَ مَرَضُهُ.

وَيُقَالُ: إنَّ النَّفْسَ أَعْرَفُ بِمَا يُصْلِحُهَا مِنْ الطَّبِيبِ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ فَيَكُونُ الطَّبِيبُ يُرَاعِي هَذَا الْمَعْنَى وَمَا أَشْبَهَهُ مَعَ وُجُودِ التَّلَطُّفِ بِالْمَرِيضِ وَالْإِشْفَاقِ عَلَيْهِ. فَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي يُرْجَعُ إلَيْهِ وَيُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اللَّهُ الطَّبِيبُ، بَلْ أَنْتَ رَجُلٌ رَفِيقٌ» وَقَدْ تَقَدَّمَ.

وَيَنْبَغِي لِلطَّبِيبِ أَنْ يَنْظُرَ فِي حَالِ الْمَرِيضِ فَإِنْ كَانَ مَلِيًّا أَعْطَاهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ وَإِنْ كَثُرَتْ النَّفَقَةُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا أَعْطَاهُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ مَا تَصِلُ قُدْرَتُهُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ كُلْفَةٍ وَلَا مَشَقَّةٍ، وَهَذَا النَّوْعُ مَوْجُودٌ كَثِيرٌ

[فَصْلٌ عَلَى الطَّبِيبِ حِينَ جُلُوسِهِ عِنْدَ الْمَرِيضِ أَنْ يَتَأَنَّى عَلَيْهِ]

(فَصْلٌ) وَمِنْ آكَدِ مَا عَلَى الطَّبِيبِ حِينَ جُلُوسِهِ عِنْدَ الْمَرِيضِ أَنْ يَتَأَنَّى عَلَيْهِ بَعْدَ سُؤَالِهِ لَهُ حَتَّى يُخْبِرَهُ الْمَرِيضُ بِحَالِهِ ثُمَّ يُعِيدَ عَلَيْهِ السُّؤَالَ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ رُبَّمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ بِمَا هُوَ فِيهِ لِجَهْلِهِ بِهِ أَوْ لِشُغْلِهِ بِقُوَّةِ أَلَمِهِ وَإِنْ كَانَ الطَّبِيبُ عَارِفًا بِالْمَرَضِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْهُ فَيَتَأَنَّى عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ.

وَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>