وَالْوَلَدِ، وَالْحَاشِيَةِ، وَالتَّبَعِ، وَوَطْءِ الْأَعْقَابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَدْرِجُ بِعِلْمِهِ بِأَنْ يُكْرَمَ بِسَبَبِهِ، وَيُحْمَدَ، وَيُعَظَّمَ، وَيُسْمَعَ قَوْلُهُ فَهُوَ مُسْتَدْرِجٌ بِنَيْلِ حَظِّهِ مِنْ عِلْمِهِ، وَمِنْهُمْ الْعَابِدُ يَسْتَدْرِجُ مِنْ طَرِيقِ الْعُجْبِ فِي عَمَلِهِ، وَالْقُوَّةِ عَلَى ذَلِكَ فِي بَدَنِهِ، وَمِنْهُمْ ذُو الْبَصِيرَةِ يَسْتَدْرِجُ بِالزِّيَادَةِ فِي بَصِيرَتِهِ فَجَمِيعُ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الْمُسْتَدْرِجِينَ كُلِّهِمْ لَا يَخْلُو مِنْ الرِّيَاءِ، وَالْعُجْبِ، وَكُلُّ مُزَيَّنٍ لَهُ مَا هُوَ فِيهِ لَا يَرَى إلَّا أَنَّهُ عَلَى الطَّرِيقِ مَقْبُولٌ مِنْهُ إحْسَانُهُ، وَقَدْ عَمِيَ عَنْ فِتْنَةِ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الِاسْتِدْرَاجِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُنَبَّهُ فَيَنْتَبِهُ فَيَرْجِعُ إلَى الْإِنَابَةِ، وَيَفْزَعُ إلَى الِاسْتِكَانَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُهْمَلُ فَيُهْمِلُ نَفْسَهُ إلَى حُضُورِ أَجَلِهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ، وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: ١٣١] فَهَذِهِ فِتْنَةُ الِاسْتِدْرَاجِ فَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، وَالْمُسْتَدْرِجُ مَفْتُونٌ فَلَا يَعْلَمُ بِفِتْنَتِهِ مُزَيَّنٌ لَهُ عَمَلُهُ مُسْتَحْسِنٌ مَا هُوَ فِيهِ طَالِبٌ لِلزِّيَادَةِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مُقِيمٌ فَاحْذَرْ فِتْنَةَ الِاسْتِدْرَاجِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِدْرَاجَ عُقُوبَةٌ لِلْمُضَيِّعِينَ شُكْرَ النِّعَمِ
[فَصْلٌ فِي الْيَقِينِ]
، فَصْلٌ فِي الْيَقِينِ وَقَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - اعْلَمْ أَنَّ لِلْمُوقِنِ عَلَامَةً وَاضِحَةً تَعْرِفُهَا مِنْ نَفْسِكَ، وَمِنْ غَيْرِكَ، وَهِيَ: أَنَّ الْمُوقِنَ يَعْظُمُ عِنْدَهُ الْخَطَأُ وَالزَّلَلُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُؤَاخَذٍ بِهِ لِغَفْلَتِهِ عَنْهَا، وَرُكُونِهِ إلَيْهَا بِالشَّهَوَاتِ، وَهُجُومِ إبْلِيسَ عَلَى قَلْبِهِ، وَطَمَعِ نَفْسِهِ فِيمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهَا إذَا عَمِلَ مِنْهَا شَيْئًا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْجَبَ النَّارَ، وَأَنَّهُ مَسْلُوبٌ بِهَا مَا أُنْعِمَ عَلَيْهِ بِهِ فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ كَذَلِكَ كَانَ مُوقِنًا، وَهُوَ يَعْلَمُ إنْ قُلْت: مَا بَالُ أَقْوَامٍ عَارِفِينَ يُذْنِبُونَ قُلْت: لِيُعَرِّفَهُمْ اللَّهُ فَضْلَهُ عَلَيْهِمْ، وَإِحْسَانَهُ إلَيْهِمْ عِنْدَ إسَاءَتِهِمْ إلَى أَنْفُسِهِمْ فَتُجَدَّدُ عِنْدَهُمْ النِّعَمُ، وَيَسْتَقْبِلُونَ الشُّكْرَ فَيَصِيرُونَ بِذَلِكَ إلَى أَعْلَى دَرَجَاتِهِمْ انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute