للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصَلِّ مشى الصناع حفاة عَلَى بَوْل الخيل]

(فَصْلٌ) وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتْرُكَ الصُّنَّاعَ يَفْعَلُونَ مَا اعْتَادُوهُ مِنْ مَشْيِهِمْ حُفَاةً عَلَى بَوْلِ الْخَيْلِ وَدُخُولِهِمْ بَيْتَ الْخَلَاءِ حُفَاةً أَيْضًا، وَكَذَلِكَ فِي الطُّرُقَاتِ ثُمَّ يَدُوسُونَ الْقَمْحَ بِتِلْكَ الْأَقْدَامِ النَّجِسَةِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلُوهَا فَيَصِيرُ مَا أَصَابَتْهُ أَقْدَامُهُمْ مِنْ الْقَمْحِ قَبْلَ غَسْلِهَا مُتَنَجِّسًا وَهَذِهِ مَفْسَدَةٌ عَظِيمَةٌ وَهِيَ فِي ذِمَّةِ مَنْ اسْتَأْجَرَهُمْ، وَكَذَلِكَ مَنْ رَآهُمْ وَعَلِمَ بِهِمْ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى التَّغْيِيرِ عَلَيْهِمْ بِشَرْطِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ

(فَصْلٌ) وَقَدْ نُقِلَ عَنْ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَنْخُلُونَ الدَّقِيقَ وَنَخْلُهُ مِنْ إحْدَى الْبِدَعِ الثَّلَاثِ الْمُحْدَثَةِ أَوَّلًا.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى الصَّانِعِ الَّذِي يُبَاشِرُ الْقَمْحَ وَيَتَوَلَّى طَحْنَهُ وَيَقِفُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَفَّظَ التَّحَفُّظَ الْكُلِّيَّ عَلَى الدَّقِيقِ مِنْ أَنْ يُصِيبَهُ شَيْءٌ مِنْ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا فَيَتَنَجَّسُ بِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ يَكُونُ مِمَّنْ لَا يَنْخُلُهُ فَيَأْكُلُهُ وَهُوَ مُتَنَجِّسٌ وَمَنْ وَقَعَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ صَاحِبَ الدَّقِيقِ حِينَ أَخَذَهُ لَهُ لِيَعْمَلَ عَلَى لِسَانِ الْعِلْمِ فِيهِ

[فَصْلٌ الرِّفْقَ بِالدَّابَّةِ الَّتِي يَطْحَنُ عَلَيْهَا]

(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرْفُقَ بِالدَّابَّةِ الَّتِي يَطْحَنُ عَلَيْهَا لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا - الْإِحْسَانُ إلَيْهَا بِرَاحَتِهَا مِنْ مَشَقَّةِ الْعَمَلِ قَلِيلًا.

وَالثَّانِي - لِئَلَّا يَجِيءَ فِي الطَّحْنِ خُشُونَةٌ فَيَصِيرُ كَالدَّشِيشِ سِيَّمَا إذَا طَحَنَ فِي وَقْتِ الْحَرِّ.

وَالثَّالِثُ - أَنَّ الدَّقِيقَ لَا يَزْكُو كَثِيرًا وَالْحَالَةُ هَذِهِ

(فَصْلٌ) وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَفَّظَ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ فِي الْقَادُوسِ قَلِيلٌ مِمَّا يُطْحَنُ أَخَذَ طَحِينًا لِشَخْصٍ آخَرَ فَيَسْكُبُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ كَذَلِكَ ثُمَّ كَذَلِكَ فَتَخْتَلِطُ أَقْوَاتُ النَّاسِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَهِيَ مَفْسَدَةٌ عَظِيمَةٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَأْخُذُ مِنْهَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمْ يُحَصِّلُ قُوتَهُ عَلَى لِسَانِ الْعِلْمِ وَآخَرُ يُحَصِّلُهُ عَلَى طَرِيقِ الْوَرَعِ وَمَرَاتِبُهُ مُتَفَاوِتَةٌ وَآخَرُ مَكَّاسٌ أَوْ ظَالِمٌ أَوْ غَيْرُهُمَا مِمَّنْ لَا يُرْتَضَى حَالُهُ فِي أَمْرِ دِينِهِ فَتَفْسُدُ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَقْوَاتُ النَّاسِ وَمَقَاصِدُهُمْ سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي قَلَّ أَنْ يَتَخَلَّصَ فِيهِ الْحَلَالُ لِكَثْرَةِ الشُّبُهَاتِ فَيَتْعَبُ الْمُكَلَّفُ فِي تَحْصِيلِهِ ثُمَّ يَفْسُدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>