يَتَنَبَّهُ النَّائِمُ مِنْ نَوْمِهِ فَيَحْكِيهِ وَيَعْلَمُ فِي أَيِّ وَقْتٍ هُوَ مِنْ إيقَاعِ الصَّلَاةِ فَتَعُمُّ الْمَنْفَعَةُ لِلْأُمَّةِ.
وَقَدْ وَرَدَ «أَرْبَعَةُ مَوَاضِعَ لَا يُرَدُّ فِيهَا الدُّعَاءُ عِنْدَ اصْطِفَافِ النَّاسِ إلَى الْجِهَادِ وَعِنْدَ اصْطِفَافِهِمْ إلَى الصَّلَاةِ وَعِنْدَ سَمَاعِ النِّدَاءِ وَعِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ» فَإِذَا حَكَى الْمُكَلَّفُ الْمُؤَذِّنَ وَدَعَا بِمَا يَخْتَارُهُ اُسْتُجِيبَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْوَعْدِ الْجَمِيلِ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْحِكْمَةِ الْعَجِيبَةِ الْمُبَارَكَةِ مَا نُقِلَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا فَقَالَ: إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ» ثُمَّ إنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ بَلْ قَالَ الْوَاصِفُ لِصَوْمِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّهُ «كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ إنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ إنَّهُ لَا يَصُومُ، وَمَا أَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إلَّا رَمَضَانَ» . وَذَلِكَ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَوْسِعَةٌ عَلَى الْأُمَّةِ وَأَخْذٌ مِنْهُ بِالْأَفْضَلِ وَالْأَعْلَى. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ صَامَ يَوْمًا وَأَفْطَرَ يَوْمًا لَفَاتَتْ تِلْكَ الْفَضِيلَةُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْأُمَّةِ مِثْلِ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ وَالْحَائِضِ، وَعَلَى مَا فَعَلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُدْرِكُ كُلٌّ مِنْهُمْ الْفَضِيلَةَ بِكَمَالِهَا وَذَلِكَ نِصْفُ الدَّهْرِ. وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا أَخْبَرَ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ صَلَاةِ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُد - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَقِّ نَفْسِهِ الْمُكَرَّمَةِ بَلْ قَالَ الْوَاصِفُ لِقِيَامِهِ إنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ لَا تُرِيدُ أَنْ تَرَاهُ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ قَائِمًا إلَّا رَأَيْتَهُ نَائِمًا وَلَا تُرِيدُ أَنْ تَرَاهُ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ نَائِمًا إلَّا رَأَيْتَهُ قَائِمًا، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِرِفْقِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأُمَّتِهِ حَتَّى لَا تَفُوتُهُمْ فَضِيلَةُ اتِّبَاعِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، فَمَنْ نَامَ مِنْهُمْ فِي جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ أَدْرَكَ الْجُزْءَ الْآخَرَ فَسُبْحَانَ مَنْ أَهَّلَهُ لِلرِّفْقِ بِأُمَّتِهِ وَرَفْعِ الْمَشَاقِّ عَنْهُمْ وَيَسَّرَ عَلَيْهِمْ، كَيْفَ لَا وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي صِفَتِهِ مَعَهُمْ: بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ أُمَّتِهِ بِحُرْمَتِهِ عِنْدَكَ لَا رَبَّ سِوَاكَ.
[فَصْلٌ وُقُوف الْمُؤَذِّنِينَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَقَوْلِهِمْ الصَّلَاةَ]
{فَصْلٌ}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute