فِيهَا عَلَى الْعَوَائِدِ الْمُسْتَمِرَّةِ فِي أَخْذِهِمْ مِنْ التُّجَّارِ عَلَى كُلِّ حِمْلٍ مِنْ كَذَا، وَكَذَا كَذَا، وَكَذَا وَذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ شَتَّى.
ثُمَّ إنَّ بَعْضَ مَنْ بِيَدِهِ ذَلِكَ التَّوْقِيعُ قَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ السَّفَرُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَيَبِيعُ ذَلِكَ التَّوْقِيعَ لِغَيْرِهِ مِنْ التُّجَّارِ بِدُونِ مَا يُلْزِمُونَ التَّاجِرَ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ عَلَى مَا مَعَهُ مِنْ التِّجَارَةِ.
وَهَذَا الْفِعْلُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِمَا مَعًا أَمَّا تَحْرِيمُهُ عَلَى مَنْ بَاعَ التَّوْقِيعَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا لَا يَسْتَحِقُّهُ شَرْعًا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ هُوَ وَالظَّلَمَةُ سَوَاءً.
وَأَمَّا تَحْرِيمُهُ عَلَى مَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَلِأَنَّهُ أَعَانَهُ عَلَى فِعْلِ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَالْإِعَانَةُ عَلَى الظُّلْمِ مُحَرَّمَةٌ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لِمَنْ يُرِيدُ أَخْذَهُ مِنْهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ إلَّا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ فِي حَدِّ الْإِكْرَاهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَالْإِكْرَاهُ هُنَا مَعْدُومٌ أَلْبَتَّةَ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَهُ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ ظُلْمًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَمَّا لَوْ أَعْطَاهُ مَا بِيَدِهِ مِنْ التَّوْقِيعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهَذَا مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ مَعَهُ وَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الثَّوَابُ الْجَزِيلُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَعَوَّضَ عَنْ فِعْلِهِ لِذَلِكَ الْمَعْرُوفِ هَدِيَّةً، وَلَا يُرْسِلُ مَعَهُ مَالًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَيْئًا أَوْ يُرْسِلُ مَعَهُ مَا يَبِيعُهُ لَهُ أَوْ يُقْتَرَضُ مِنْهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَابَاةِ وَهُوَ كَثِيرٌ، وَلَا يَبْعُدُ فِي حَقِّ مَنْ بِيَدِهِ التَّوْقِيعُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ إذَا لَمْ يُسَافِرْ لِمَنْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلرِّفْقِ مِنْ التُّجَّارِ لِيَدْفَعَ بِذَلِكَ الظُّلْمَ عَنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُؤْخَذُ فِيهَا الظُّلْمُ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا زَكَاةٌ]
(فَصْلٌ)
وَمِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي التَّوْقِيعِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُؤْخَذُ فِيهَا الظُّلْمُ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهَا زَكَاةٌ وَيَكْتُبُونَ لَهُ وُصُولًا بِتَارِيخِ الْوَقْتِ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ فِيهِ، وَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئًا لِمُدَّةٍ تَقْرُبُ مِنْ السَّنَةِ الْآتِيَةِ فَيَتَعَذَّرُ عَلَى بَعْضِ مَنْ بِيَدِهِ الْوُصُولُ الْحَرَكَةُ فِي أَثْنَاءِ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيَفْعَلُ فِي ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي بَيْعِ التَّوْقِيعِ مِنْ غَيْرِهِ فَمَنْ لَهُ شَيْءٌ يُعْطَى عَلَيْهِ مَا اعْتَادُوهُ مِنْ الظُّلْمِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلثَّانِي عِنْدَهُمْ اسْمٌ وَهَذَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَنْعِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ فَلْيَحْذَرْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute