للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [هود: ٤١] ثُمَّ يَقُولُ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: ٦٧] الْآيَةَ بِكَمَالِهَا.

فَقَدْ وَرَدَ «أَنَّ مَنْ قَالَهَا حِينَ رُكُوبِهِ السَّفِينَةَ أَمِنَ مِنْ الْغَرَقِ» .

[فَصْلٌ الْإِكْثَار مِنْ الدُّعَاءِ فِي السَّفَرِ]

(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ الدُّعَاءِ فِي سَفَرِهِ لِنَفْسِهِ وَلِأَهْلِهِ وَلِوَلَدِهِ وَإِخْوَانِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَعَارِفِهِ وَلِوُلَاةِ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَخَاصَّتِهِمْ وَعَامَّتِهِمْ بِمَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا.

لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ لَا شَكَّ فِيهِنَّ دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى فِعْلِ الْمَعْرُوفِ فِي طَرِيقِهِ؛ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «إذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا صَادَفَ مَعْرُوفُهُ حَاجَةَ أَخِيهِ» وَالسَّفَرُ مَوْضِعُ الْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ بَلْ الِاضْطِرَارِ غَالِبًا فَيَسْقِي الْمَاءَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ إذَا أَمْكَنَ وَيَحْمِلُ الْمُنْقَطِعَ إذَا تَيَسَّرَ لَهُ.

وَفِيهِ زِيَادَةٌ أُخْرَى وَهِيَ مُجَاهَدَةُ النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهَا الشُّحُّ فِي السَّفَرِ مَخَافَةَ احْتِيَاجِهَا لِمَا هُوَ يَبْذُلُهُ

[صَلَاة النَّافِلَة عَلَى الراحلة فِي السَّفَر]

(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتْرُكَ شَيْئًا مِنْ الْأَوْرَادِ الَّتِي كَانَتْ لَهُ فِي الْحَضَرِ وَلَا يُسَامِحَ نَفْسَهُ بِتَرْكِهَا وَلَا يَتْرُكَ بَعْضَهَا فِي السَّفَرِ بَلْ يَفْعَلُ جَمِيعَ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ التَّوَابِعِ لِلْفَرَائِضِ أَوْ غَيْرِهَا لَكِنْ يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ بِأَنَّ لَهُ فِي السَّفَرِ أَنْ يُصَلِّيَ النَّوَافِلَ عَلَى الرَّاحِلَةِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْوِتْرَ إلَّا الْفَرَائِضَ الْخَمْسَ فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّيهَا إلَّا بِالْأَرْضِ أَوْ فِي السَّفِينَةِ قَائِمًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَدْعُوَ ضَرُورَةٌ شَرْعِيَّةٌ إلَى صَلَاتِهَا عَلَى الرَّاحِلَةِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ مَخُوفًا أَوْ يَكُونَ مَرِيضًا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ بِالْأَرْضِ صَلَّى جَالِسًا بِالْإِيمَاءِ فَلْيُصَلِّ رَاكِبًا وَلَا يَنْزِلُ لَكِنْ يُومِئُ إلَى الْأَرْضِ بِالسُّجُودِ لَا إلَى كَوْرِ الرَّاحِلَةِ فَإِنْ أَوْمَأَ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ.

وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِصَلَاةِ الْفَرْضِ وَهُوَ رَاكِبٌ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا حَتَّى يَسْتَقْبِلَ بِهَا الْقِبْلَةَ وَتُوقَفُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>