بِهِ الْآخَرُونَ فَتَرَكَ الدُّكَّانَ وَاجْتَمَعَ بِسَبَبٍ غَيْرِهِ.
لَكِنْ مَنْ كَانَ حَالُهُ الْيَوْمَ عَلَى مِثْلِ حَالِ هَذَا السَّيِّدِ فَالْأَوْلَى فِي حَقِّهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يَجْلِسَ لِذَلِكَ لِنَفْعِ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ وَيَتَصَدَّقَ بِمَا اجْتَمَعَ فِي الْوِعَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا الْبَيْعُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالشِّرَاءُ مِنْهُمْ فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ.
[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ نِيَّةِ الْخُضَرِيِّ]
ِّ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ كَالْكَلَامِ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ. لَكِنْ بَقِيَ الْكَلَامُ فِيهِ عَلَى أَشْيَاءَ تَخُصُّهُ: فَمِنْهَا مَا أَحْدَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَيْعِ الْمُلُوخِيَّةِ أَوَّلَ دُخُولِهَا فَإِنَّهَا تُمْنَعُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي اعْتَادَهَا أَكْثَرُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَهَا حُزَمًا وَكُلُّ حُزْمَةٍ مَرْبُوطَةٌ بِالْقَشِّ أَوْ الْحَلْفَاءِ الْكَثِيرَةِ وَفِيهَا مِنْ الطِّينِ وَالْمَاءِ مَا يَزِيدُ مَجْمُوعُهُ عَلَى الْمُلُوخِيَّةِ نَفْسِهَا وَمَعَ هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ مَجْهُولَةً جُزَافًا وَوَزْنًا؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ بِقَدْرِ الْقَشِّ وَالْحَلْفَاءِ وَالطِّينِ وَالْمَاءِ مَوْجُودَةٌ فِيهَا وَالْجَهَالَةُ بِذَلِكَ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ فَيَتَحَرَّزُ مِنْ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَا يُمْكِنُ بَيْعُ الْمُلُوخِيَّةِ فِي أَوَّلِ دُخُولِهَا إلَّا كَذَلِكَ لِأَجْلِ مَا اعْتَادَ مَنْ يَزْرَعُهَا فِي عَمَلِهَا كَذَلِكَ. فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ، وَلَا لِلْمُشْتَرِي فِعْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُخَاطَبٌ بِلِسَانِ الْعِلْمِ فِيمَا هُوَ يُحَاوِلُهُ مِنْ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَغَيْرِهَا.
فَإِنْ قَالَ مَثَلًا: إنْ تَحَرَّزَتْ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهَا، وَلَا شِرَاؤُهَا. فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا تَرْكُهَا إلَى أَوَانٍ تَكْثُرُ فِيهِ فَإِنَّهَا إذَا كَثُرَتْ جَازَ بَيْعُهَا بِالْوَزْنِ وَالْجُزَافِ؛ لِأَنَّ مَا يُرْبَطُ بِهِ حُزَمُهَا إذَا كَثُرَتْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا يَسِيرٌ فَهُوَ تَبَعٌ لِيَسَارَتِهِ أَيْضًا فَلَوْ عَلِمَ الزَّارِعُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَنْ يَشْتَرِيهَا مِنْهُ وَهِيَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ الْمَمْنُوعَةِ شَرْعًا لَمْ يَفْعَلْ فِيهَا ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَنْ يَشْتَرِيهَا مِنْهُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ وَكَانَ يُنَظِّفُهَا وَيَرْبِطُ حُزَمَهَا كَمَا يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ عِنْدَ رُخْصِهَا وَيَبِيعُهَا بِأَكْثَرَ مِنْ سَوْمِهَا وَهِيَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ الْمَمْنُوعَةِ فَيَصِيرُ الثَّمَنُ لَهُ حَلَالًا وَتَحْصُلُ لَهُ الْبَرَكَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَيُطْعِمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute