السَّلَامَةِ الَّتِي لَا شَكَّ فِيهَا، وَالْعَطَبُ فِي غَيْرِهَا مَوْجُودٌ غَالِبًا إلَّا لِمَنْ عَرَفَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ
[فَصْلٌ جَامِعٌ لِبَعْضِ آدَابِ السُّلُوكِ وَلِبَعْضِ الْآثَارِ عَنْ السَّلَفِ الْمَاضِينَ أَجْمَعِينَ]
فَصْلٌ: جَامِعٌ لِبَعْضِ آدَابِ السُّلُوكِ، وَلِبَعْضِ الْآثَارِ عَنْ السَّلَفِ الْمَاضِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ.
وَمَعَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْخَلَوَاتِ إذْ إنَّهُ بِسَبَبِهَا يُدْرِكُ الْمُكَلَّفُ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ، وَمِنْ النِّعَمِ، وَمِنْ تُحَفِ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَيَتَبَيَّنُ لَهُ بِهَا أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ مِمَّا مَضَى عَلَيْهِ سَلَفُهُ. أَلَا تَرَى إلَى بَرَكَةِ هَذِهِ الْحِكَمِ الَّتِي يُنْطِقُهُمْ اللَّهُ بِهَا؟ إذْ إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي قُوَّتِهِمْ، وَلَا مِنْ قُدْرَتِهِمْ إلَّا بِبَرَكَةِ تَوَجُّهِهِمْ، وَإِقْبَالِ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ، وَأَعْظَمُ مَا يَتَوَصَّلُونَ بِهِ إلَى هَذَا الْمَعْنَى الْتِزَامُ الْخَلَوَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ.
فَانْظُرْ - رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ - إلَى مَا نَقَلَهُ الْإِمَام الْحَافِظُ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْأَصْفَهَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ سِيَرِ السَّلَفِ لَهُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَنَفَعَ بِهِ، وَأَعَادَ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِهِ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ رَضِيت مِنْ أَحَدِكُمْ أَنْ يَتَّقِيَ عَلَى دِينِهِ كَمَا يَتَّقِي عَلَى دُنْيَاهُ، وَقَالَ: شَيْئَانِ هُمَا خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إذَا عَمِلْت بِهِمَا أَتَكَفَّلُ لَك بِالْجَنَّةِ، وَلَا أُطَوِّلُ عَلَيْك قِيلَ: وَمَا هُمَا؟ قَالَ: تَحْمِلُ مَا تَكْرَهُ إذَا أَحَبَّهُ اللَّهُ، وَتَتْرُكُ مَا تُحِبُّ إذَا كَرِهَهُ اللَّهُ، وَقَالَ أَيْضًا: قَاتِلْ هَوَاك أَشَدَّ مَا تُقَاتِلُ عَدُوَّك، وَقَالَ رَجُلٌ لَهُ: إنَّك مُشَدِّدٌ فَقَالَ: مَا لِي لَا أُشَدِّدُ، وَقَدْ صَدَّنِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ عَدُوًّا أَمَّا أَرْبَعَةٌ فَشَيْطَانٌ يَفْتِنُنِي، وَمُؤْمِنٌ يَحْسُدُنِي، وَكَافِرٌ يُقَاتِلُنِي، وَمُنَافِقٌ يَبْغُضُنِي، وَأَمَّا الْعَشَرَةُ فَالْجُوعُ، وَالْعَطَشُ، وَالْعُرْيُ، وَالْحَرُّ، وَالْبَرْدُ، وَالْهَرَمُ، وَالْمَرَضُ، وَالْفَقْرُ، وَالْمَوْتُ، وَالنَّارُ، وَلَا أُطِيقُهُنَّ إلَّا بِسِلَاحٍ، وَلَا أَجِدُ لَهُنَّ سِلَاحًا أَقْوَى مِنْ التَّقْوَى، وَقِيلَ لَهُ: مَا مَالُكَ؟ فَقَالَ: ثِقَتِي بِاَللَّهِ، وَإِيَاسِي مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ، وَقَالَ: مَا رَأَيْت يَقِينًا لَا شَكَّ فِيهِ أَشْبَهَ بِشَكٍّ لَا يَقِينَ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ تَحْنُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ: يَنْبَغِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute