للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ أَشَدَّ حِفْظًا لِلِسَانِهِ مِنْهُ لِمَوْضِعِ قَدَمَيْهِ، وَقَالَ: أَفْضَلُ خَصْلَةٍ تُرْجَى لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ أَشَدَّ النَّاسِ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ، وَأَرْجَاهُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُبْتَدِي خَمْسُ خِصَالٍ، وَإِلَّا فَلَا تَرْجُهُ: عَقْلٌ حَسَنٌ، وَاتِّبَاعٌ لِلسُّنَّةِ، وَصُحْبَةُ الْأَكَابِرِ، وَمِنْ أَيْنَ يَأْكُلُ، وَحِفْظُ لِسَانِهِ، وَصِيَانَتُهُ أَوْ كَمَا قَالَ، وَمِنْ كِتَابِ سِيَرِ السَّلَفِ أَيْضًا، وَقَدْ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: إذَا رَأَيْت الْعَالِمَ لَا يَتَوَرَّعُ فِي عِلْمِهِ فَلَيْسَ لَك أَنْ تَأْخُذَ عَنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ يَقُولُ: وَضَعُوا مَفَاتِيحَ الدُّنْيَا عَلَى الدُّنْيَا فَلَمْ تَنْفَتِحْ، وَوَضَعُوا عَلَيْهَا مَفَاتِيحَ الْآخِرَةِ فَانْفَتَحَتْ.

وَقَالَ رَجُلٌ لِلْجُنَيْدِ: مَنْ أَصْحَبُ؟ قَالَ: مَنْ تَقْدِرُ أَنْ تُطْلِعَهُ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ اللَّهُ مِنْك، وَسُئِلَ مَرَّةً أُخْرَى مَنْ أَصْحَبُ؟ قَالَ: مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَنْسَى مَا لَهُ، وَيَقْضِي مَا عَلَيْهِ، وَقَالَ: قَدْ مَشَى رِجَالٌ بِالْيَقِينِ عَلَى الْمَاءِ، وَمَاتَ عَلَى الْعَطَشِ أَفْضَلُ مِنْهُمْ يَقِينًا، وَقَالَ: مَنْ عَرَفَ اللَّهَ لَا يُسَرُّ إلَّا بِهِ، وَقَالَ: لَوْ أَقْبَلَ صَادِقٌ عَلَى اللَّهِ أَلْفَ أَلْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُ لَحْظَةً كَانَ مَا فَاتَهُ أَكْثَرَ مِمَّا نَالَهُ، وَقَالَ: مَنْ نَظَرَ إلَى وَلِيٍّ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ بِقَلْبِهِ، وَأَكْرَمَهُ أَكْرَمَهُ اللَّهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ.

وَقَالَ ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ عَلَامَاتِ الْمُحِبِّ لِلَّهِ مُتَابَعَتُهُ حَبِيبَ اللَّهِ فِي أَخْلَاقِهِ، وَأَفْعَالِهِ، وَأَوَامِرِهِ، وَسُنَّتِهِ، وَقَالَ: مَنْ نَظَرَ إلَى سُلْطَانِ اللَّهِ ذَهَبَ سُلْطَانُ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ كُلَّهَا فَقِيرَةٌ عِنْدَ هَيْبَتِهِ، وَقَالَ رُوَيْمٌ: لَا تَزَالُ الصُّوفِيَّةُ بِخَيْرٍ مَا تَنَافَرُوا فَإِذَا اصْطَلَحُوا هَلَكُوا، وَقَالَ ابْنُ حُنَيْفٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قُلْت لِرُوَيْمٍ: أَوْصِنِي فَقَالَ: أَقَلُّ مَا فِي هَذَا الْأَمْرِ بَذْلُ الرُّوحِ فَإِنْ أَمْكَنَك الدُّخُولُ فِيهِ مَعَ هَذَا، وَإِلَّا فَلَا تَشْتَغِلْ بِتُرَّهَاتِ الصُّوفِيَّةِ.

وَقَدْ قِيلَ: إنَّ لُقْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ نَوْبِيًّا، وَكَانَ لِبَنِي فُلَانٍ فَقِيلَ لَهُ: مَا بَلَغَ بِك مَا نَرَى فَقَالَ: تَقْوَى اللَّهِ، وَطُولُ الصَّمْتِ، وَتَرْكُ مَا لَا يَعْنِينِي. وَمِنْ كِتَابِ سُنَنِ الصَّالِحِينَ وَسُنَنِ الْعَابِدِينَ لِلْقَاضِي أَبِي الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: لَوْلَا ثَلَاثٌ مَا أَحْبَبْت أَنْ أَعِيشَ يَوْمًا: الظَّمَأُ لِلَّهِ بِالْهَوَاجِرِ، وَالسُّجُودُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَمُجَالَسَةُ أَقْوَامٍ يَنْتَقُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>