مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» لَكِنَّ ذَلِكَ بِشُرُوطٍ تُشْتَرَطُ فِيهِ مِنْهَا أَنْ لَا يَخْلِطَ لَحْمًا لِشَخْصٍ بِلَحْمٍ لِغَيْرِهِ، وَلَا أَنْ يُبَدِّلَهُ.
وَكَذَلِكَ لَا يَخْلِطُ شَيْئًا مِمَّا يَطْبُخُهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ، وَكَذَلِكَ يَحْذَرُ مِنْ خَلْطِ الشَّيْرَجِ وَغَيْرِهِ وَخَلْطِ الْأَفَاوِيهِ وَالزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُتَسَاوِيًا وَمُوَافِقًا وَالِاحْتِرَازُ فِي هَذَا أَشَدُّ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي اخْتِلَاطِ الطَّحِينَيْنِ وَإِنْ كَانَا مَعًا وَاجِبَيْنِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مُخْتَلِفُونَ فِي كَسْبِهِمْ وَفِيمَا يَشْتَرُونَ بِهِ آلَاتِ الْأَطْعِمَةِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الشَّرَائِحِيَّ يَطْبُخُ لِمَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ فِي كَسْبِهِ، وَلَوْ كَانَ حَالُهُ مَرْضِيًّا لَمْ يَجُزْ وَأَكْثَرُ مَنْ يَتَعَاطَى هَذَا السَّبَبَ يَتَسَاهَلُونَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ.
وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُمْ يَغْسِلُونَ الْقِدْرَ بِالْمَاءِ الْمُسْتَقْذَرِ وَإِنْ كَانَ أَوَّلًا سَالِمًا بَلْ يَغْسِلُ كُلَّ وِعَاءٍ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ وَيَكُونُ عِنْدَهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ نَظِيفٌ يُبَاشِرُ بِهِ الْغَسْلَ وَالتَّنْظِيفَ كَاللِّيفَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا فِي الْخُشُونَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ رَآهُ صَاحِبُ الطَّعَامِ لَمْ يَرْضَ بِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ غِشًّا.
وَكَذَلِكَ يَحْذَرُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْخِرَقِ الَّتِي يَغْسِلُونَ بِهَا آنِيَتَهُمْ وَيَمْسَحُونَهَا بِهَا؛ لِأَنَّهَا مُسْتَقْذَرَةٌ وَقَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِهَا خِرَقُ الْحَيْضِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ إذْ إنَّ مَنْ يَشْتَرِي مِنْهُ الْغَالِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ الْمَعْرِفَةِ بِتَطْهِيرِهَا وَقَدْ يَبْقَى فِيهَا بَقِيَّةٌ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَشْتَرِيَهَا، وَلَوْ غَسَلَهَا بَعْدَ شِرَائِهَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ التَّحَفُّظُ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَمَا شَاكَلَهَا فَإِنْ وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَهُ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ غَشَّ وَقَدْ وَرَدَ «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» فَإِذَا أَعْلَمَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِأَخْذِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ غُرْمُهُ لَهُ.
وَيَنْبَغِي لِصَاحِبِ الطَّعَامِ أَنْ لَا يَطْبُخَ عِنْدَ مَنْ هَذَا حَالُهُ فَإِنْ فَعَلَ مَعَ عِلْمِهِ فَقَدْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا وَيُشْتَرَطُ فِي حَقِّ صَاحِبِ الطَّعَامِ إنْ شَارَكَهُ أَحَدٌ فِيهِ أَنْ يُعْلِمَهُ بِمَا أَنْفَقَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ غَشَّ وَالْغِشُّ مُحَرَّمٌ
[فَصْلٌ تَرْكُ الْقُدُورِ أَوْ بَعْضِهَا مَكْشُوفَةً بِأَثَرِ الطَّعَامِ]
(فَصْلٌ) وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَرْكِ الْقُدُورِ أَوْ بَعْضِهَا مَكْشُوفَةً بِأَثَرِ الطَّعَامِ الَّذِي كَانَ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ يُسْرِعُ إلَيْهَا وَقَدْ يُلْقِي فِيهَا شَيْئًا مِنْ سُمِّهِ ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute