قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرِّبَا غَالِبٌ عَلَى أَهْلِ الصَّرْفِ لَا يَنْجُونَ مِنْهُ فِي تِجَارَتِهِمْ. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ مِثْلِ هَذَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَقَالَ الْحَسَنُ: إنَّ هَاهُنَا قَوْمًا أَكَلَةُ الرِّبَا لَوْ أَدْرَكَهُمْ مَنْ مَضَى لَنَصَبُوا لَهُمْ الْحَرْبَ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ التِّجَارَةِ فِي الْقَمْحِ وَالصَّرْفِ» .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: التِّجَارَةُ فِي الرَّقِيقِ تِجَارَةٌ مَمْحُوقَةٌ. وَكَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ الدَّلَالَةَ. وَكَرِهَ قَتَادَةُ أُجْرَةَ الدَّلَّالِينَ. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّهُ أَوْصَى رَجُلًا فَقَالَ لَهُ: يَا أَخِي لَا تُسَلِّمْ وَلَدَك فِي بَيْعَتَيْنِ، وَلَا فِي صَنْعَتَيْنِ. أَمَّا الْبَيْعَتَانِ فَهُوَ بَيْعُ الطَّعَامِ وَبَيْعُ الْأَكْفَانِ. وَأَمَّا الصَّنْعَتَانِ فَهُمَا الْجِزَارَةُ وَالصِّيَاغَةُ أَمَّا الْجَزَّارُ فَإِنَّهُ قَاسِي الْقَلْبِ وَأَمَّا الصَّوَّاغُ فَإِنَّهُ يُزَخْرِفُ الدُّنْيَا بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بَعْضِ مَا يَعْتَوِرُ الْحَاجَّ فِي حَجِّهِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ التَّحْذِيرُ مِنْهُ]
ُ اعْلَمْ رَحِمَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ أَنَّ الْحَجَّ أَحَدُ الْأَرْكَانِ الْخَمْسَةِ الَّتِي بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَيْهَا لَكِنْ لَمَّا أَنْ حَدَثَتْ فِيهِ أُمُورٌ مُتَشَعِّبَةٌ تَعَذَّرَتْ هَذِهِ الْعِبَادَةُ بِسَبَبِ مَا يُخَالِطُهَا فِي الْغَالِبِ مِمَّا لَا يَرْضَاهُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ.
فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يُضَيِّعُونَ الصَّلَوَاتِ وَيُخْرِجُونَهَا عَنْ أَوْقَاتِهَا لِأَجْلِ فَرِيضَةِ الْحَجِّ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا. وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي الْمُكَلَّفِ: إذَا عَلِمَ أَنَّهُ تَفُوتُهُ الصَّلَاةُ الْوَاحِدَةُ إذَا خَرَجَ إلَى الْحَجِّ فَقَدْ سَقَطَ الْحَجُّ عَنْهُ.
وَقَدْ سُئِلَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الَّذِي يَرْكَبُ الْبَحْرَ إلَى الْحَجِّ، وَلَا يَجِدُ مَوْضِعًا يَسْجُدُ فِيهِ إلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ أَيَجُوزُ لَهُ الْحَجُّ فَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَيَرْكَبُ حَيْثُ لَا يُصَلِّي وَيْلٌ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَيْلٌ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي الْحَاجِّ يَأْتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute