مَا اشْتَرَاهُ وَهَذَا لَمْ يَتَحَقَّقْهُ بِالْوَزْنِ الَّذِي دَخَلَا عَلَيْهِ.
[فَصْلٌ بَيْعِ شَيْءٍ مِمَّا عِنْدَهُ دُونَ وَزْنٍ]
(فَصْلٌ)
وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُسَامِحَ نَفْسَهُ فِي بَيْعِ شَيْءٍ مِمَّا عِنْدَهُ دُونَ وَزْنٍ فَإِنْ فَعَلَ فَلْيَكُنْ ذَلِكَ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ بَعْدَ أَنْ يَقِفَ الْمُشْتَرِي عَلَى مُعَايَنَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ لَهُ وَحِرْزِهِ، إذْ إنَّ الْوَزْنَ أَحْصَرُ وَأَضْبَطُ وَأَبْعَدُ عَنْ الْغَبْنِ وَالْكَثِيرُ قَدْ لَا يُحْسِنُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ حِرْزَهُ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ.
وَالْبَيْعُ يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مَكِيلٌ وَمَوْزُونٌ وَجُزَافٌ، فَإِذَا بَاعَ شَيْئًا بِغَيْرِ كَيْلٍ، وَلَا وَزْنٍ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ جُزَافًا وَالْجُزَافُ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا مَحْرُوزًا.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْمُشْتَرِي لِمَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْقِسْمِ الْمَمْنُوعِ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ.
[فَصْلٌ الْمَفَاسِدُ الَّتِي تَعْتَوِرُ الْعَطَّارَ]
(فَصْلٌ)
وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْذَرَ مِنْ الْمَفَاسِدِ الَّتِي يَفْعَلُهَا بَعْضُهُمْ فِيمَا يُحَاوِلُونَهُ مِنْ السِّلَعِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ حِينَ الْكَلَامِ عَلَى التَّاجِرِ الْمُسَافِرِ لَكِنَّ الْمَفَاسِدَ الَّتِي تَعْتَوِرُ الْعَطَّارَ تَرْبُو عَلَى تِلْكَ فَيُحْتَاجُ أَنْ نَذْكُرَ مِنْهَا شَيْئًا لِيَقَعَ التَّنْبِيهُ بِهِ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْهَا.
فَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الْعُودَ الرَّدِيءَ وَبُرَادَتَهُ وَبُرَادَةَ الطِّيبِ مِنْهُ وَيَعْجِنُونَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَنْبَرِ الْخَامِ وَيَبِيعُونَهُ عَلَى أَنَّهُ كُلُّهُ طِيبٌ وَأَجْزَاؤُهُ مَعَ ذَلِكَ مُخْتَلِفَةٌ مَجْهُولَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ بَيَّنَهُ لَهُ الْبَائِعُ لَمْ يَرْضَ بِهِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ ذَلِكَ غِشٌّ لَا شَكَّ فِيهِ، وَقَدْ وَرَدَ «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الزَّعْفَرَانَ الْجَنَوِيَّ والبرشنوني وَالْهَمْدَانِيَّ وَيَخْلِطُونَ الْجَمِيعَ وَيَبِيعُونَهُ عَلَى أَنَّهُ كُلَّهُ جَنَوِيٌّ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْجَنَوِيَّ يُرْغَبُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ. وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَخْلِطُونَ مَاءَ الْوَرْدِ الْعَتِيقَ بِالْجَدِيدِ مِنْهُ وَيَبِيعُونَهُ كُلَّهُ عَلَى أَنَّهُ جَدِيدٌ وَذَلِكَ مِنْ الْغِشِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي لَمَا أَخَذَهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُمْ