[فَصْلٌ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فِي الْمَسْجِدِ]
ِ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَوْ الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى نَهْيِ النَّاسِ عَمَّا أَحْدَثُوهُ حِينَ عَقْدِ الْأَنْكِحَةِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ إتْيَانِهِمْ بِالْمَبَاخِرِ الْمُفَضَّضَةِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فِي بَيْتٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ نَفْسُ الْبَخُورِ وَالطِّيبِ مَنْدُوبًا إلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ قَالَ مَالِكٌ إنَّ الصَّدَقَةَ بِثَمَنِ ذَلِكَ أَفْضَلُ، وَلَكِنْ يُمْنَعُ لِأَجْلِ ظَرْفِهِ لِأَنَّهُ مُفَضَّضٌ. وَأَمَّا فَرْشُ الْبُسُطِ فِي الْمَسْجِدِ فَهُوَ بِدْعَةٌ وَلَوْ كَانَتْ فِي الْبُيُوتِ لَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُقْصَدَ بِفَرْشِهَا الْمُبَاهَاةُ وَمَا شَاكَلَهَا وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ بَابِ الْجَهَالَةِ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْفَاعِلُ لِهَذَا مِنْ عَامَّةِ النَّاسِ الَّذِينَ لَمْ يَتَلَبَّسُوا بِالْعِلْمِ وَلَا يَسْأَلُوا عَمَّا وَقَعَ لَهُمْ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَقْرَأُ الْعِلْمَ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْغَفْلَةِ عَنْ أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ فِي دِينِهِ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالتَّشَبُّهِ بِمَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالرُّعُونَةِ، ثُمَّ يَنْضَمُّ إلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَسْجِدِ مَا يُنَزَّهْ عَنْهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَقْتَضِي التَّزْكِيَةَ وَالتَّعْظِيمَ لَوْ كَانَتْ فِي الشَّخْصِ أَوْ الْكَذِبِ إنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ وَكِلَاهُمَا لَا يَجُوزُ. وَكَذَلِكَ مَا يَقَعُ مِنْهُمْ مِنْ التَّمَلُّقِ وَالْأَيْمَانِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الْأَيْمَانَ إذَا كَثُرَتْ فَإِنَّ الْحِنْثَ فِيهَا وَاقِعٌ فَيَحْذَرُ مِنْ أَنْ يُسَامِحَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا جَهْدَهُ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
[فَصْلٌ فِي تَهَيُّئِ الْإِمَامِ لِلْجُمُعَةِ]
ِ وَيَتَأَكَّدُ فِي حَقِّ الْإِمَامِ خُصُوصًا الْغُسْلَ لِلْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ نَظِيفًا فِي نَفْسِهِ لِوُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْغُسْلَ لِلْجُمُعَةِ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
الثَّانِي: أَنَّهُ قُدْوَةٌ لِلْمُقْتَدِينَ فَقَدْ يَرَاهُ أَحَدٌ حِينَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بِالْوُضُوءِ وَحْدَهُ أَوْ يَسْمَعُ عَنْهُ ذَلِكَ فَيَقْتَدِي بِهِ فِي تَرْكِ هَذِهِ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ.
الثَّالِثُ: أَنَّ الْإِمَامَ مِنْ صِفَتِهِ أَنْ يَكُونَ أَكْمَلَهُمْ حَالًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute