للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا لِلْجَمَاعَةِ فَجَاءَ عَلَى الْعَادَةِ إلَى بَيْتِهِ لِيَنْظُرَ الْمَسْأَلَةَ فَدَقَّ الْبَابَ فَخَرَجَتْ لَهُ جَارِيَةُ زَوْجَتِهِ الَّتِي رَبَّتْهَا فَفَتَحَتْ لَهُ الْبَابَ فَسَأَلَهَا أَيْنَ فُلَانَةُ " يَعْنِي زَوْجَتَهُ "؟ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا فِي الْحَمَّامِ؛ فَقَالَ لَهَا: اُدْخُلِي الْبَيْتَ وَعُدِّي الْكُتُبَ مِنْ الصَّفِّ الْفُلَانِيِّ فَإِذَا وَصَلْت فِي الْعَدِّ إلَى الْجُزْءِ الْفُلَانِيِّ فَأْتِينِي بِهِ؛ فَقَالَتْ لَهُ: أَلَا تَدْخُلُ فَتَأْخُذُ حَاجَتَك، فَقَالَ لَهَا: وَكَيْفَ أَدْخُلُ وَأَنْتِ فِي الْبَيْتِ؛ فَقَالَتْ لَهُ: أَمِّنِي تَخَافُ؟ فَقَالَ لَهَا: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَخْلُوَ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ» وَأَنَا رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ وَأَنْتِ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ فَلَا يُمْكِنُنِي الدُّخُولُ أَوْ كَمَا قَالَ. فَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ إلَى كِبَرِ سِنِّ هَذَا السَّيِّدِ وَعَمَلِهِ وَصَلَاحِهِ وَإِسَاءَةِ ظَنِّهِ بِنَفْسِهِ فَأَيْنَ الْحَالُ مِنْ الْحَالِ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.

[فَصْلٌ فِي الْمُزَيِّنِ]

وَأَمَّا الْمُزَيِّنُ فَمَفَاسِدُهُ كَثِيرَةٌ فِي الْغَالِبِ إلَّا عِنْدَ مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ السَّقَّاءَ وَالْكَتَّانِيَّ يُمْكِنُ الْمَرْأَةُ أَنْ تَأْخُذَ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ اجْتِمَاعِهَا بِهِمَا بِخِلَافِ الْمُزَيِّنِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِمُبَاشَرَتِهِ لَهَا فَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَيْتِ وَحْدَهَا فَتَعْظُمُ الْمَفَاسِدُ وَيَكْثُرُ الْخَطَرُ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُزَيِّنِ أَنْ يَدْخُلَ إلَى بَيْتٍ يَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ حَتَّى يَكُونَ مَعَهَا غَيْرُهَا فِيهِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ أَوْ جَمَاعَةِ نِسَاءٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهَا هِيَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ فِي دُخُولِ الْبَيْتِ إلَّا بِحَضْرَةِ أَحَدِ هَؤُلَاءِ وَمَعَ ذَلِكَ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ ثِقَةً أَمِينًا وَيَغُضَّ طَرْفَهُ مَهْمَا اسْتَطَاعَ، وَلَا يَنْظُرَ إلَّا لِمَوْضِعِ الضَّرُورَةِ، وَكَذَلِكَ هِيَ. وَيَنْوِي بِمَا يُحَاوِلُهُ مِنْ صَنْعَتِهِ الْقِيَامَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ وَأَنْ يُسْقِطَ الْحَرَجَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ. وَيَنْوِي مَعَ ذَلِكَ إعَانَةَ الْمَلْهُوفِينَ وَالْمُضْطَرِّينَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْجُمُ عَلَى بَعْضِهِمْ الدَّمُ فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ لِوَقْتِهِ وَإِلَّا أَفْضَى بِهِ إلَى الْمَوْتِ. وَيَنْوِي مَعَ ذَلِكَ إعَانَةَ إخْوَانِهِ عَلَى امْتِثَالِ السُّنَّةِ فِي التَّدَاوِي بِإِخْرَاجِ الدَّمِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثٍ» وَعَدَّ فِيهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>