للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرِيكًا لِمَنْ يَتَعَاطَى التَّصْوِيرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ مَا فِيهِ مِنْ الْوَعِيدِ.

وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَدْخُلَ السُّوقَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَكَذَلِكَ فِي عَكْسِهِ لَا يَمْكُثُ فِي الدُّكَّانِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ بَلْ يَنْصَرِفُ قَبْلَ اصْفِرَارِهَا لِمَا قَدْ قِيلَ: إنَّ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ الشَّيَاطِينُ ثُمَّ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ، وَعَكْسُهُ الِانْصِرَافُ.

وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ مَنْ اتَّصَفَ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ غَالِبًا حَالُهُ الْحِرْصُ وَالِاسْتِشْرَافُ وَهُمَا مُذْهِبَانِ لِلْبَرَكَةِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَقِّ الْخَيَّاطِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ الْأَذَانَ اشْتَغَلَ بِحِكَايَتِهِ ثُمَّ أَخَذَ مِنْ أَسْبَابِ الصَّلَاةِ مِنْ الطَّهَارَةِ وَالْمُضِيِّ إلَى الْمَسْجِدِ وَالصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ هُوَ وَمَنْ عِنْدَهُ.

فَكَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّ الْبَزَّازِ وَغَيْرِهِ مِنْ سِمْسَارٍ وَشَرِيكٍ وَرَقِيقٍ وَمُبْتَاعٍ فَيَقْطَعُ كُلَّ ذَلِكَ حَتَّى يَصِيرَ ذَلِكَ مِنْهُ عَادَةً مَعْرُوفَةً لَا يَقْصِدُهُ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِمَا عَلِمَ مِنْ عَادَتِهِ فَتُحْفَظُ بِذَلِكَ أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ وَتَنْضَبِطُ وَقَلَّ أَنْ تَفُوتَهُمْ الصَّلَاةُ فِي جَمَاعَةٍ وَهَذَا الْفِعْلُ حَاجِزٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ خُرُوجُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا.

وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُبَادَرَةُ إلَى الْعِبَادَةِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا حَاجِزٌ عَنْ الْوُقُوعِ فِيمَا لَا يَنْبَغِي فَإِنْ قَالَ الْبَزَّازُ مَثَلًا: إذَا تَحَرَّزْت مِمَّا ذَكَرْتُمْ قَلَّ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَقَلَّ الرِّزْقُ فَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حَقِّ الْخَيَّاطِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ

[فَصْلٌ فِي نِيَّةِ التَّاجِرِ الَّذِي يَتَّجِرُ مِنْ إقْلِيمٍ إلَى إقْلِيمٍ]

ٍ وَمِنْ بَلَدٍ إلَى أُخْرَى يَبْتَغِي مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ مِمَّنْ يَتَسَبَّبُ فِي الْأَسْفَارِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَفَّظَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ أَنْ يَذْهَبَ تَعَبُهُ وَمُخَاطَرَتُهُ فِيهَا بِسَبَبِ الْمُحَاوَلَةِ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا وَالزِّيَادَةِ مِنْهَا وَالِاسْتِشْرَافِ إلَيْهَا بَلْ يَكُونُ أَصْلُ أَمْرِهِ الَّذِي يُعَوِّلُ عَلَيْهِ وَيَعْتَمِدُهُ التَّقْوَى وَلَا يُسَافِرُ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ وَالِاسْتِشَارَةِ لِذَوِي الْعُقُولِ الْغَزِيرَةِ الْعَارِفِينَ بِذَلِكَ الْأَمْرِ مِمَّنْ جَمَعَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ وَالتَّجَارِبِ.

وَصِفَةُ الِاسْتِخَارَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>