وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ أَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا عَلَى ثَمَنِهَا وَبِسَبَبِ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ تَكْثُرُ الرُّهُونُ عِنْدَهُمْ وَتَمْكُثُ السِّنِينَ الطَّوِيلَةَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِذَهَابِ مَا هُوَ يَتَسَبَّبُ فِيهِ وَيَبْقَى مَالُهُ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ لَا يَجِدُ إلَى قَبْضِهِ سَبِيلًا وَالْغَالِبُ الْيَوْمَ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُمْ إذَا تَيَسَّرَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ الدُّنْيَا لَا يُفَكِّرُونَ فِي الدُّيُونِ وَإِنَّمَا يُفَكِّرُونَ فِي قَضَاءِ مَآرِبِهِمْ فِي وَقْتِهِمْ ذَلِكَ وَمَآرِبُهُمْ قَلَّ أَنْ تَفْرُغَ.
وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَقْطَعَ الْخِرْقَةَ حَتَّى يَنْقُدَ الْفِضَّةَ إمَّا بِنَفْسِهِ إنْ كَانَ عَارِفًا أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَمَانَةِ لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى ضَرَرِهِ أَوْ إلَى الْمُنَازَعَةِ فِي الصَّبْرِ إنْ خَرَجَ مِنْهَا شَيْءٌ فِيهِ زَيْفٌ لِكَثْرَةِ الْغِشِّ فِي هَذَا الزَّمَانِ.
وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا وَزَنَ الْفِضَّةَ إنْ اشْتَرَى مِنْ قَزَّازٍ أَوْ تَاجِرٍ أَنْ يَجْعَلَ فِي كِفَّةِ الصَّنْجَةِ حَبَّةَ خَرُّوبٍ أَوْ نَحْوَهَا وَإِذَا بَاعَ وَوَزَنَ الْفِضَّةَ لِيَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ أَنْ يَجْعَلَ فِي كِفَّةِ الْفِضَّةِ حَبَّةَ خَرُّوبٍ أَوْ نَحْوَهَا لِيَكُونَ ذَلِكَ حَاجِزًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُقُوعِ فِي الْحَرَامِ.
وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِالْبَزَّازِ وَحْدَهُ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ يَتَعَاطَى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَمَنْ يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ أَنْ لَوْ كَانَ وَكِيلًا أَوْ وَصِيًّا فَيُمْنَعُ وَيَتَحَرَّى الصَّوَابَ جَهْدَهُ.
وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُسَامِحَ فِي بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْخَيْرِ حَقِيقَةً لَا مَجَازًا فَيَتْرُكُ لَهُ بَعْضَ الرِّبْحِ أَوْ كُلَّهُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِحَالِهِ.
وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَوْ كَانَ لَهُ جِدَةٌ أَنْ يَبِيعَ بِالدَّيْنِ لِمَنْ اتَّصَفَ بِذَلِكَ وَيَصْبِرَ عَلَيْهِ بِهِ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ.
وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي اعْتَادُوا فِيهِ زِينَةَ الْأَسْوَاقِ عَلَى مَا عَهِدَ فِي الزَّمَانِ أَنْ يَتْرُكَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ حَتَّى تَنْقَضِيَ وَيَلْزَمُ بَيْتَهُ أَوْ الْمَسْجِدَ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُبَاحَةِ السَّالِمَةِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي فَإِنْ جُبِرَ عَلَى ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَعَاطَاهُ بِنَفْسِهِ بَلْ يُعْطِي مَا يُلْزِمُونَهُ بِهِ مِنْ الْغَرَامَةِ مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَفَاسِدِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِهَا.
وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَ شَيْئًا مِنْ الْقُمَاشِ فِيهِ صُورَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْسُوجَةً أَوْ مُطَرَّزَةً أَوْ مَرْسُومَةً؛ لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute