عَمِيمٌ وَلَيْسَ فِي أَصْحَابِ الدَّكَاكِينِ كُلِّهِمْ مَنْ هُوَ مُبْتَلَى بِهَذِهِ الْمَفَاسِدِ أَكْثَرُ مِنْ الْبَزَّازِ وَالصَّائِغِ وَالْأَخْفَافِيِّ فَيَتَعَيَّنُ التَّحَفُّظُ عَلَى مَنْ هُوَ مُتَسَبِّبٌ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ أَوْ مَا يُقَارِبُهَا التَّحَفُّظُ الْكُلِّيُّ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ إلَّا أَنْ يَقَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ فِتْنَتِهِنَّ فَتَرْكُ الدُّكَّانِ عَلَيْهِ مُتَعَيَّنٌ وَيَتَسَبَّبُ فِي غَيْرِهَا إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَلَى لِسَانِ الْعِلْمِ سَالِمًا مِنْ جَمِيعِ الْمَفَاسِدِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى الرَّزَّاقِ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ شَيْئًا وَلَا يُمَكِّنَهَا أَنْ تَجْلِسَ عَلَى دُكَّانِهِ اللَّهُمَّ إلَّا مَنْ سَلِمَتْ مِنْهُنَّ مِنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ، فَلَا بَأْسَ بِمُعَامَلَتِهَا فَإِنَّ الْخَيْرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لَمْ يُعْدَمْ مِنْ النَّاسِ، وَإِنْ عُدِمَ مِنْ قَوْمٍ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي آخَرِينَ وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ الْبَيْعَ لِكُلِّ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي حَقِّ الْخَيَّاطِ؛ لِأَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ رَجَعَ مَالُهُ حَرَامًا فِي الْغَالِبِ بَعْدَ أَنْ كَانَ حَلَالًا وَالْحَرَامُ يَجُرُّ إلَى النَّارِ.
وَيَحْذَرُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ ارْتِكَابِ مَا لَا يَنْبَغِي بِسَبَبِهِ وَآكَدُ مَا عَلَيْهِ أَنْ يَتَّقِيَ الْأَيْمَانَ فِي بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ وَأَخْذِهِ وَعَطَائِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَيْلٌ لِلتَّاجِرِ مِنْ تَاللَّهِ وَبِاَللَّهِ» فَلْيَحْذَرْ مِنْ ذَلِكَ جَهْدَهُ.
وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقِلَّ الْكَلَامَ وَاللَّغَطَ فِي بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ سِيَّمَا فِي الْأَوْقَاتِ الْفَاضِلَةِ كَشَهْرِ رَمَضَانَ الْمُعَظَّمِ وَالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الْعِظَامِ وَأَيَّامِ الْجُمَعِ الزُّهْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُبَاحَ يَجُرُّ إلَى الْمَكْرُوهِ وَالْمَكْرُوهُ يَجُرُّ إلَى الْمُحَرَّمِ.
وَيَنْبَغِي لَهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِيهِ دِينٌ وَفَضْلٌ أَنْ يَتْرُكَهُ يَقِيسُ لِنَفْسِهِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ عَيْنُهُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَحِيفَ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْسِهِ فَيَأْخُذُ أَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ.
وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُعْلَمُ دِينُهُ وَخَيْرُهُ فَإِنَّهُ يَقِيسُ لَهُ بِالْعَدْلِ وَيُبَيِّنُ لَهُ بِالرُّؤْيَةِ وَالْقَوْلِ.
وَيَنْبَغِي لَهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى ثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَقَاسَ لَهُ الْخِرْقَةَ أَنْ لَا يُعَجِّلَ بِقَطْعِهَا حَتَّى يَأْخُذَ الثَّمَنَ كُلَّهُ وَيُحَصِّلَهُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ يَشْتَرُونَ الْخِرْقَةَ عَلَى النَّقْدِ فَإِذَا قَطَعُوا الْخِرْقَةَ أَعْطَوْا بَعْضَ الثَّمَنِ وَبَقِيَ الْبَاقِي فَتَارَةً يَتَكَلَّفُ الْبَائِعُ الصَّبْرَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute