للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ وُجُوب تَقْدِيم الْعِلْم عَلَى الْعَمَل]

فَصْلٌ إذَا دَخَلَ الْمُكَلَّفُ فِي عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْآخِرَةِ فَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ تَابِعًا لِلْعِلْمِ فِيهِ.

كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْعِلْمُ إمَامٌ وَالْعَمَلُ تَابِعُهُ» وَكَمَا قَالَ الْإِمَامُ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِلْمُ يَهْتِفُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا ارْتَحَلَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلْيَحْذَرْ مِنْ تَتَبُّعِ عَوَائِدِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَمَا رَكَنُوا إلَيْهِ مِنْ أُمُورٍ حَدَثَتْ عِنْدَهُمْ لَمْ تَكُنْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ مَنُوطٌ بِالِاتِّبَاعِ لَهُمْ وَتَرْكِ مَا حَدَثَ بَعْدَهُمْ كَيْفَمَا كَانَ مِنْ اعْتِقَادٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ عَمَلٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ قَدْ نَدَرَ وُقُوعُهُ فَنُظِرَ فِيهِ عَلَى مُقْتَضَى قَوَاعِدِهِمْ وَفَتَاوِيهِمْ فِيمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ كَمَا سَبَقَ. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْقُوتِ لَهُ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنْتُمْ الْيَوْمَ فِي زَمَانٍ خَيْرُكُمْ فِيهِ الْمُسَارِعُ وَيَأْتِي بَعْدَكُمْ زَمَانٌ يَكُونُ خَيْرُكُمْ فِيهِ الْمُتَثَبِّتُ الْمُتَبَيِّنُ يَعْنِي لِبَيَانِ الْحَقِّ وَالْيَقِينِ فِي الْقَرْنِ الْأَوَّلِ وَلِكَثْرَةِ الشُّبُهَاتِ وَالِالْتِبَاسِ فِي زَمَانِنَا هَذَا وَدُخُولِ الْمُحْدَثَاتِ مَدَاخِلَ اللَّيْلِ فِي السِّتْرِ وَقَدْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ إلَّا عَلَى الْفَرْدِ الَّذِي يَعْرِفُ طَرَائِقَ السَّلَفِ فَيَجْتَنِبُ الْحَدَثَ كُلَّهُ.

[عَرْضِ الرُّؤْيَا عَلَى الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ]

وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَسْكُنَ إلَى مَا يَقَعُ لَهُ مِنْ الْهَوَاتِفِ الَّتِي تَهْتِفُ بِهِ فِي يَقَظَتِهِ وَمَنَامِهِ وَمِنْ الرُّجُوعِ إلَى سَهْوِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فِي أَشْيَاءَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا الصَّدْرُ الْأَوَّلُ، وَكَذَلِكَ لَا يَسْكُنُ إلَى رُؤْيَا يَرَاهَا فِي مَنَامِهِ تَكُونُ مُخَالِفَةً لِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الِاتِّبَاعِ لَهُمْ. وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَقَعُ لِبَعْضِ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَهُوَ أَنْ يَرَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَنَامِهِ فِي أَمْرِهِ بِشَيْءٍ أَوْ يَنْهَاهُ عَنْ شَيْءٍ فَيَنْتَبِهُ مِنْ نَوْمِهِ فَيُقْدِمُ عَلَى فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ بِمُجَرَّدِ الْمَنَامِ دُونَ أَنْ يَعْرِضَهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى قَوَاعِدِ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَالَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩] وَمَعْنَى قَوْلِهِ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ أَيْ: إلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَالرَّسُولِ أَيْ: إلَى الرَّسُولِ فِي حَيَاتِهِ وَإِلَى سُنَّتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَتْ رُؤْيَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>