دَخَلَا عَلَى الْجَهَالَةِ فِي الثَّمَنِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَهَذِهِ الْعَادَةُ قَدْ عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى؛ لِأَنَّهُ قَلَّ مَنْ يَسْتَغْنِي عَنْ شِرَائِهِ وَهُمْ يَفْعَلُونَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَسَرَى ذَلِكَ إلَى مَا يُطْبَخُ بِهِ مِنْ الْأَرُزِّ وَغَيْرِهِ وَسَبَبُ وُقُوعِهِمْ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ عَدَمُ النَّظَرِ إلَى أَمْرِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَنَهْيِهِ فَلَوْ سَأَلُوا أَهْلَ الْعِلْمِ عَنْهُ لَبَيَّنُوا لَهُمْ الْحُكْمَ فِيهِ وَعَرَفُوهُ.
وَقَدْ رَأَيْت بَعْضَ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ لَا يَأْكُلُ اللَّبَنَ، وَلَا مَا عُمِلَ فِيهِ فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَذَكَرَ أَنَّ مَنْعَهُ بِسَبَبِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَلِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْإِنْفَحَةَ الَّتِي يُعْمَلُ بِهَا الْجُبْنُ نَجِسَةٌ.
لَكِنَّ هَذَا الْوَجْهَ الثَّانِيَ الَّذِي قَالَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخَفُّ مِنْ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي نَجَاسَةِ الْإِنْفَحَةِ وَطَهَارَتِهَا فَمَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهَا طَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ فَبَوْلُهُ طَاهِرٌ بِخِلَافِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي مَنْعِهِ
[فَصْلٌ صَبْغِ الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ حَتَّى يَبْقَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا]
(فَصْلٌ) وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ صَبْغِ الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ حَتَّى يَبْقَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَوْنُهُ يَمِيلُ إلَى الصُّفْرَةِ وَهَذَا غِشٌّ لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَا عُذْرَ لِمَنْ يَقُولُ: إنَّ هَذِهِ عَادَةٌ قَدْ عُلِمَتْ بِالْعُرْفِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْمَذْمُومَةَ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ لَا تُرَاعَى، وَلَا يُرْجَعُ إلَيْهَا وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ فَلَا يَعْرِفُهُ كَثِيرٌ مِمَّنْ يَشْتَرِيهِ مِنْهُمْ. وَهَذَا ضِدُّ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ النَّصِيحَةِ لِإِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ بِتَرْكِ الْغِشِّ لَهُمْ
[فَصْلٌ تَغْطِيَةَ أَوَانِي اللَّبَنِ]
(فَصْلٌ) وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يُهْمِلُونَ تَغْطِيَةَ أَوَانِي اللَّبَنِ وَتَغْطِيَتُهَا مُتَعَيِّنَةٌ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا لَبَنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْحَيَوَانِ يَتَتَبَّعُ الرَّائِحَةَ فَإِنْ كَانَ الْوِعَاءُ فِيهِ لَبَنٌ أَلْقَى سُمَّهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فَارِغًا فَكَذَلِكَ فَيُخَافُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى مَنْ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا مِنْهُ يُصِيبُهُ مَا يُكْرَهُ وَقَدْ يَئُولُ ذَلِكَ إلَى إتْلَافِ النُّفُوسِ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ غَسْلُ أَوَانِي اللَّبَنِ وَتَنْظِيفُهَا بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ كُلَّ إنَاءٍ عَلَى حِدَتِهِ وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُ يَغْسِلُ الْأَوْعِيَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute