حَتَّى يُصَلِّيَ لِأَنَّهُ أَبْرَأُ لِلذِّمَّةِ وَأَفْضَلُ وَأَبْرَكُ؛ لِأَنَّ الْأَسْفَارَ الْغَالِبَ فِيهَا وُقُوعُ الضَّرُورَاتِ فَإِنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا يُخَافُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْجَأَهُ عُذْرٌ فَتَخْرُجُ الصَّلَاةُ بِسَبَبِهِ عَنْ وَقْتِهَا فَيَحْتَاطُ بِأَنْ يُوقِعَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ لِيَكُونَ ذَلِكَ حَاجِزًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحَرَّمِ، وَيَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُهَا إلَى آخِرِ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ لِلضَّرُورَةِ لَكِنَّ الِاحْتِيَاطَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُسَافِرَ إلَى بَلَدٍ يَكُونُ الطَّرِيقُ فِيهَا غَيْرَ مَأْمُونٍ أَوْ بَعْضُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْخَطَرِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ
[فَصْلٌ لَا يَرْكَبَ الْبَحْرَ فِي الْفَصْلِ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ]
(فَصْلٌ) وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْكَبَ الْبَحْرَ فِي الْفَصْلِ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ فِي ارْتِجَاجِهِ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ الذِّمَّةِ» بَلْ يَصْبِرُ حَتَّى يَكُونَ الْفَصْلُ مُعْتَدِلًا فَحِينَئِذٍ يُسَافِرُ.
وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْكَبَ الْبَحْرَ مَعَ النَّوَاتِيَّةِ الَّذِينَ اعْتَادُوا كَشْفَ عَوْرَاتِهِمْ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِمْ كَشْفُهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَتِرُوا السُّتْرَةَ الشَّرْعِيَّةَ.
وَكَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُسَافِرَ مَعَ أَحَدٍ مِمَّنْ يُبَاشِرُهُ وَهُوَ تَارِكٌ لِلصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا لَهُ فِي وِزْرِهِ بَلْ هُوَ مُشَارِكٌ لِلنُّوتِيِّ وَالْجَمَّالِ إذَا اتَّصَفَ أَحَدُهُمَا بِشَيْءٍ مِنْهُ فَهُوَ شَرِيكٌ لَهُ لِمُبَاشَرَتِهِ وَتَرْكِ الْأَخْذِ عَلَى يَدِهِ بِالِاشْتِرَاطِ عَلَيْهِ أَوَّلًا، وَإِنْ كَانَ هَذَا الشَّرْطُ لَا عِبْرَةَ بِهِ مِنْ جِهَتِهِ هُوَ إذْ إنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ قَدْ اشْتَرَطَهُ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ هُنَا إلَى اشْتِرَاطِهِ لِأَجْلِ مَا اجْتَرَأَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ تَرْكِ كَثِيرٍ مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا ذُكِرَ قَلَّ أَنْ تَقَعَ لَهُ الْبَرَكَةُ فِي سَبَبٍ يَضْطَرُّ فِيهِ إلَى مُبَاشَرَةِ مَنْ هَذَا حَالُهُ.
[فَصْلٌ لَا يُسَافِرَ إلَى بِلَادِ الْكُفَّارِ]
(فَصْلٌ)
وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُسَافِرَ إلَى بِلَادِ الْكُفَّارِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْإِسْلَامُ يَعْلُو، وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» إذْ إنَّهُ إذَا سَافَرَ إلَى بِلَادِهِمْ كَانَتْ كَلِمَتُهُمْ هِيَ الْعُلْيَا، وَكَلِمَتُهُ خَامِدَةٌ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ سَفَرَهُ يَكُونُ بِنِيَّةِ التَّيْسِيرِ عَلَى إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا عَلَى الضِّدِّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَيْسِيرًا عَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ الْكُفَّارِ وَأَعْدَائِهِ بِمَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى كُفْرِهِمْ بِسَبَبِ مَا يَبِيعُهُ لَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute